للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأتيتك بقرابها مغفرة" ١.

وإما أن يعامله بعدله، فيأخذه بذنبه، فيطهره منه ثم يؤول أمره إلى الجنة، وإذا دار الأمر بين فضله سبحانه وعدله، وغلب فضله عدله، وسبقت رحمته غضبه.

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] .

قال علي رضي الله عنه: "ما في القرآن آية أحب إلي منها"٢، وقال علي بن الحسين: "هذه أرجى آية في كتاب الله". فهذه الآية أتت على كل وعيد، فرحمته سبحانه وسعت كل شيء، وحلمه تعالى سبق غضبه، وهو سبحانه ما أطمع عباده إلا ليعطيهم، ما لم يخدشوا صفاء التوحيد بالشرك، فالموحد قد وعده ربه مغفرته بتوحيده، ودخول جنته برحمته.

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: ٧٢] .

يارب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فبمن يلوذ ويستجير المجرم

ما لي إليك وسيلة إلا الرجا ... وجميل عفوك ثم أني مسلم


١ رواه الترمذي "٣٥٤٠"، والضياء في المختارة "١٥٧١"، والطبراني في الأوسط "٤٣٠٥"، وأبو نعيم في الحلية "٢/ ٢٣١" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وإسناده لا بأس به، وحسنه الألباني في صحيح الجامع "٤٣٣٨"، وأخرج مسلم نحوه "٢٦٨٧" من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٢ رواه الترمذي "٣٠٣٧"، وانظر: تفسير القرطبي "٥/ ٢٤٦"، وتفسير ابن كثير "١/ ٥٥٦".

<<  <   >  >>