للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر: ٣٢، ٣٣] .

وفي هذه الآية حرف من الحيف أن يكتب بالمداد، وإنما ينبغي أن يكتب بماء الذهب فرحا وطربا؛ لأنه يشير إلى كرامة من الله لهذه الأمة لا تعدلها كرامة، ألا وهو حرف الواو في قوله تعالى: {يَدْخُلُونَهَا} ، فالداخلون هنا هم الموحدون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأصنافها الثلاثة المذكورة في الآية.

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره: "قال بعض أهل العلم: حق لهذه الواو أن تكتب بماء العينين، فوعده الصادق بجنات عدن لجميع أقسام هذه الأمة، وأولهم الظالم لنفسه، وهو يدل على أن هذه الآية من أرجى آيات القرآن، ولم يبق من المسلمين أحد خارج عن الأقسام الثلاثة، فالوعد الصادق بالجنة في الآية شامل لجميع المسلمين.. وقدم الظالم لئلا يقنط، وأخر السابق بالخيرات لئلا يعجب بعمله فيحبط"١.

وعندما خطب عمر رضي الله عنه، وتلا الآية السابقة قال: "سابقنا مقرب، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له"٢، ولا عجب، فالاصطفاء درجات، كما أن الإبعاد دركات، فمن أعظم ثمار التوحيد المباركة على المكلف أن الله تعالى قد ضمن له الجنة فله الحمد والمنة.

والجنة لا يدخلها إلا مؤمن موحد، وإن ظلم نفسه بغير الشرك، ولا يخلد في النار إلا كافر أو منافق، ففي الحديث: "لا يدخل الجنة إلا مؤمن" ٣، فالمؤمن إما أن يعامله ربه بفضله، فيغفر له بلا سابقة عذاب، ويمحق توحيده سيئاته، كما في

الحديث القدسي: "يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا،


١ أضواء البيان للشنقيطي "٥/ ١٦٥".
٢ انظر: تفسير القرطبي "١٤/ ٣٤٦".
٣ أخرجه البخاري "٤٢٠٤"، ومسلم "١١١" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>