للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنة إلا قد أمرتكم به، ولا عمل يقر إلى النار إلا قد نهيتكم عنه" ١، قال أبو ذر -رضي الله عنه: "لقد تركنا محمد -صلى الله عليه وسلم، وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا وهو أذكرنا منه علمًا"٢.

وعرفهم حالهم بعد القدوم على ربهم أتم تعريف فكشف الأمر وأوضحه، ولم يدع بابًا من العلم النافع للعباد المقرب لهم إلى ربهم إلا فتحه، ولا مشكلًا إلا بينه وشرحه، حتى هدى الله به القلوب من ضلالها، وشفاها به من أسقامها، وأغاثها به من جهلها، فأي بشر أحق بأن يحمد منه؟ وجزاه عن أمته أفضل الجزاء"٣.

ويقول ابن عبد البر رحمه الله: "ليس في الاعتقاد كله، في صفات الله وأسمائه، إلا ما جاء منصوصًا في كتاب الله، أو ضح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه"٤.

ثالثًا: حرمة القول على الله بغير علم:

لقد حرم الله تعالى الكلام بلا علم مطلقًا، وخص القول عليه بلا علم بالنهي، فقال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٦] ، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣] .


١ رواه ابن أبي شيبة في مصنفه "٧/ ٧٩"، وهناد في الزهد "١/ ٢٨"، والحاكم في المستدرك "٢١٣٦"، والبيهقي في شعب الإيمان "٧/ ٢٩٩" من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه، وفيه انقطاع في إسناده يعلم من علل الدارقطني "٥/ ٢٧٣ رقم ٨٧٥"، ومعناه مشهور في الشريعة لا يحتاج مثله لإسناد، ومن ذلك حديث المطلب بن حنطب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت شيئًا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئًا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه". رواه الشافعي في الأم "٧/ ٢٢٩" بإسناد لا بأس به.
٢ أخرجه أحمد في المسند "٢٠٨٥٤"، والطبراني في المعجم الكبير "١٦٤٧".
٣ جلاء الأفهام لابن القيم ص١٧٩-١٨١.
٤ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر "٢/ ١١٧، ١١٨".

<<  <   >  >>