للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مصادر التلقي والمرجعية، وتصفيتها من كل نفس كلامي مردود، أو شوب فلسفي مذموم، أو دخل مسلكي مبتدع، فالعقيدة ترجع إلى مصدر موثوق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو الوحي الذي تكفل الله تعالى بحفظه.

قال قوام السنة الأصبهاني: "غير أن الله أبي أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث والآثار؛ لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفًا عن سلف، وقرنًا عن قرن، إلى أن انتهوا إلى التابعين، وأخذه التابعون من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وأخذه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الناس من الدين المستقيم، والصراط القويم، إلا هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث"١.

كما أن من ثمرات التوقيفية أنها ضمانة لتوحيد كلمة الأمة على منهج واحد، عندما تلتقي على هذا الوحي الإلهي بما فيه من موازين لا تضطرب، ولا نتأرجح ولا تتأثر بالهوى والدوافع الذاتية.

قال قوام السنة الأصبهاني: "وكان السبب في اتفاق أهل الحديث أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة وطريق النقل، فأورثهم الاتفاق والائتلاف"٢.

وقال -رحمه الله: "ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطرًا من الأقطار، وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد. ونقلهم واحد، لا ترى بينهم


١ الحجة في بيان المحجة للأصبهاني: "٢/ ٢٢٣، ٢٢٤".
٢ المصدر السابق: "٢/ ٢٢٦".

<<  <   >  >>