للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مظاهر وسطية أهل السنة:

أولى هذه الأمة بالاتصاف بالوسطية من كان مثلها في كمال عقيدتها، وصفاتها ونقائها وهم أهل السنة والجماعة، فهم أهل التوسط والاعتدال بين الإفراط والتفريط، وبين الغلو والجفاء، وهم وسط في فرق الأمة، كما أن الأمة وسط في الملل.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: "الإسلام وسط في الملل بين الأطراف المتجاذبة، والسنة في الإسلام كالإسلام في الملل"١.

وقال رحمه الله: "هم -أي أهل السنة والجماعة- الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة في الوسط في الأمم"٢.

وباستقرار مواقف الفرق من أبواب العقيدة المختلفة تظهر الطرفية الشديدة لدى أهل الأهواء والبدع، ولا تجد فرقة من الفرق إلا وقد خالفت أهل السنة والجماعة في هذا الأصل العظيم، فإما أن تغلو في جانب، أو تفرط في جانب، وهذا الخلل في التوازن مطرد عند جميع أهل البدع في أبواب الاعتقاد، قل ذلك أو كثر.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "وقد تقدم أن دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، والله تعالى ما أمر عباده بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر: إما إفراط فيه، وإما تفريط فيه. وإذا كان الإسلام -الذي هو دين الله- لا يقبل من أحد سواه، قد اعترض الشيطان كثيرًا ممن ينتسب إليه؛ حتى أخرجه عن كثير من شرائعه؛ بل أخرج طوائف من أعبد هذه الأمة وأورعها عنه، حتى مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية"٣.


١ المصدر السابق: "٢/ ٣١٠".
٢ مجموع الفتاوى "٣/ ١٤١"، وانظر أيضًا نفس المصدر "٣/ ٣٧٣-٣٧٥".
٣ المصدر السابق: "٣/ ٣٨١".

<<  <   >  >>