للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاهتمام ببيان حقيقة الكفر وشعبه، كالاهتمام ببيان الإيمان وشعبه:

يقول ابن رجب: "وهذه المسائل: أعني مسائل الإيمان والكفر والنفاق مسائل عظيمة جدًّا، فإن الله عز وجل علق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار، والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة، وهو خلاف الخوارج للصحابة حيث أخرجوا عصاة الموحدين من الإسلام بالكلية وأدخلوهم في دائرة الكفر، وعاملوهم معاملة الكفار، واستحلوا بذلك دماء المسلمين وأموالهم، ثم حدث بعدهم خلاف المعتزلة، وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين، ثم خلاف المرجئة وقولهم: إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان، وقد صنف العلماء قديمًا وحديثًا في هذه المسائل تصانيف متعددة"١.

سد الطرق الموصلة إلى الشرك كافة:

ولقد عني أهل السنة في كتبهم ومؤلفاتهم، وفتاواهم بهذا الأمر أعظم عناية، وأولوه كل رعاية.

يقول الشيخ محمد خليل هراس: "ولما كان هذا النوع من التوحيد٢ هو أخطر أنواع التوحيد وأشرفها، فقد احتاط له الشرع أعظم الحيطة، ونفى عنه كل شائبة شرك، وحرم كل وسيلة مفضية إلى الإخلال بقواعده؛ حتى يبقى مصون الحمى بعيدًا عن عوامل الزيغ والانحراف، فنهى عن الألفاظ التي توهم الندية، والمساواة بين الله وبين أحد من خلقه كقولك مثلًا: أنا في حمى الله وفلان، أو: أنا متوكل على الله وعلى فلان، أو: ما شاء الله وفلان، وبين أن المخرج من ذلك هو أن يعطف بثم لا بالواو، وكذلك نهى عن الألفاظ التي فيها تعظيم لغير الله

أو نسبة تأثير إليه كقولك: وحياتك أو وحياة أبيك أو لولا فلان لكان كذا، ولولا صياح الديك لسرقنا اللصوص، ونهى أيضًا عن


١ جامع العلوم والحكم لابن رجب ص٢٩.
٢ يعني: توحيد الإلوهية.

<<  <   >  >>