للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن يكون أحد الدليلين فاسدًا، فالواجب تقديم الدليل الصحيح على الفاسد سواء أكان نقليًا أم عقليًا.

الثالث: أن يكون أحد الدليلين صريحًا والآخر ليس بذاك، فهنا يجب تقديم الدلالة الصريحة على الدلالة الخفية، لكن قد يخفي من وجوه الدلالات عند بعض الناس ما قد يكون بينًا وواضحًا عن البعض الآخر، فلا تعارض في نفس الأمر عندئذ.

أما أن يكون الدليلان قطعيين -سندًا ومتنًا- ثم يتعارضان، فهذا لا يكو أبدًا، لا بين نقليين، ولا بين عقليين، ولا بين نقلي وعقلي"١.

وخلاصة اعتقاد أهل السنة في هذا الباب: "أن الأدلة العقلية الصريحة توافق ما جاءت به الرسل، وأن صريح المعقول لا يناقض صحيح المنقول، وإنما يقع التناقض بين ما يدخل في السمع وليس منه، وما يدخل في العقل وليس منه"٢.

وقد أعمل الصحابة رضي الله عنهم هذا الأصل، وتلقاه عنهم التابعون، وتواترت عبارات أهل العلم بهذا المعنى.

قال ابن تيمية -رحمه الله: "فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه، ولا ذوقه

ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهن القطعيات، والآيات

البينات أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم"٣.

وقال الإمام الشافعي -رحمه الله: "كل شيء خالف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سقط، ولا يقوم معه رأي ولا قياس، فإن الله تعالى قطع العذر بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد معه أمر


١ منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان علي حسن "١/ ٣٦٦".
٢ درء التعارض لابن تيمية "١/ ٢٣١، ٢٣٢".
٣ مجموع الفتاوى "١٣/ ٢٨".

<<  <   >  >>