للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن أبي العز رحمه الله: "والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها، فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحًا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها١ ونحو ذلك"٢.

وإنما توجه القول بمنع استعمال هذه الألفاظ المحتملة سدًا لباب التلبيس الذي قد يدخل منه أهل البدع على عامة الناس، فيروجوا بضاعتهم الفاسدة.

قال الإمام أحمد -رحمه الله- في مقدمة كتاب في الرد على الجهمية: "يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من الفتن"٣.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- معلقًا على كلام الإمام أحمد: "والمقصود هنا قوله: يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم. وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة، وتلك الألفاظ تكون موجود مستعملة في الكتاب والسنة، وكلام الناس لكن بمعان أخر غير المعاني التي قصدوها هم بها، فيقصدون هم بها معان أخر، فيحصل الاشتباه والإجمال، كلفظ العقل والعاقل والمعقول، فإن لفظ العقل في لغة المسلمين إنما يدل على عرض إما مسمى مصدر عقل


١ وذلك مثل مخاطبة أهل الكلام والفلسفة في أبواب البحث والمناظرة لإقامة الحجة عليهم بما التزموه من أصول.
٢ شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز "١/ ٢٣٩".
٣ الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد ص٦.

<<  <   >  >>