للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عباس مع الخوارج ورحمته بهم ونقاشه معهم، الذي كان سببا في رجوع ألفين منهم إلى ساحة السنة، وإلى طريق الجماعة.

وكذا إمام أهل السنة الإمام أحمد في موقفه من مخالفيه، وعبد العزيز الكناني، ولقد حذا حذوهم شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمهم الله جميعًا.

وهم مع هذا كانوا أحرص الناس على جمع الكلمة، ووحدة الصف وإصلاح ذات البين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين: تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وصلاح ذات البين، فإن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١] "١.

ثم إنه من لوازم الاجتماع والدعوة إليه النهي عن الفرقة وأسبابها، قال الإمام القرطبي: "وقال ابن عباس رضي الله عنه لسماك الحنفي: يا حنفي، الجماعة الجماعة، فإنما هلكت الأمم السابقة لتفرقها، أما سمعت الله عز وجل يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣] "٢.

وقد مر قول ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوه} [آل عمران: ١٠٦] : "تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة"٣.

وقال ابن وهب: "سمعت مالكا يقول: ما آية في كتاب الله أشد على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ


١ المرجع السابق "٢٨/ ٥٠".
٢ تفسير القرطبي "٤/ ١٦٤".
٣ تفسير ابن كثير "١/ ٣٩٠".

<<  <   >  >>