للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الاستمساك بالحق المدلول عليه بالكتاب والسنة، ومنهج الصحابة وسلف الأمة، وأن الكثرة والقلة لا تأثير لها.

فإن الله تعالى قال: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور} [سبأ: ١٣] .

وقال سبحانه عن إبراهيم عليه السلام: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٠] ، فسماه الحق تعالى أمة، مع أنه كان على الحق وحده.

وقال أبو شامة رحمه الله تعالى: "وحيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به: لزوم الحق واتباعه، وإن كان المتمسك بالحق قليلا والمخالف كثيرا؛ لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ولا ينظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم"١.

واستدل أبو شامة لما قاله بما أورده عن ابن مسعود قال: "إن جمهور الناس فارقوا الجماعة، وإن الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك"٢.

وقال نعيم بن حماد: "إذا فسدت الجماعة، فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ"٣.

ويؤكد ابن القيم هذا المعنى فيقول: "وقد شذ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل، إلا نفرا يسيرا، فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة حينئذ والمفتون والخليفة وأتباعه كلهم هم الشاذون، وكان الإمام أحمد وحده هو الجماعة"٤.

قال ابن القيم: "واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب


١ الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة ص٢٢.
٢ المصدر السابق ص٢٢، وإعلام الموقعين لابن القيم "٣/ ٣٩٧"، وصححه الألباني في المشكاة "١/ ٦١".
٣ الباعث لأبي شامة ص٢٢، وإعلام الموقعين لابن القيم "٣/ ٣٩٧".
٤ إعلام الموقعين لابن القيم "٣/ ٣٩٧".

<<  <   >  >>