للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا لا يخصص العام بهذا الفرد كما تقرر ذلك قواعد الأصول، فليس معناه أنه لا يوجد أحد يدخل في معنى الجماعة زمن ابن المبارك إلا أبو حمزة السكري، وإنما أراد رحمه الله التنبيه بالمثال ليتضح المقال، ويسهل الفهم على السائل.

فأراد ابن المبارك أن يفسر الجماعة بمن اجتمعت فيه صفات الاتباع للكتاب والسنة، وهذا تعريف بالمثال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق"١.

وعلى هذا المنهج في بيان القدوة في أهل السنة، اقتفى أبو يعقوب -إسحاق بن راهويه- أثر ابن المبارك حين سئل عن السواد الأعظم: من هم؟ قال: "محمد بن أسلم وأصحابه ومن تبعهم"٢.

فذكر رجلا من أصحاب الحديث وعلماء السنة، قال عنه ابن القيم رحمه الله: "الإمام المتفق على إمامته، مع رتبته، أتبع الناس للسنة في زمانه، حتى قال رحمه الله: ما بلغني سنة عن رسول الله إلا عملت بها"٣.

"فمن كان من العلماء مستمسكا بالأثر، وسالكا طريق الأولين من الصحابة والتابعين، اعتبره بعض العلماء هو الجماعة، وأوجبوا على الأمة متابعته، وأنه الجماعة التي يجب لزومها؛ لأن العلماء يمثلون المنهج، وهم القدوة للأمة"٤.

ومن تأمل مقولات السلف السابقة، علم أن العبرة والاعتداد في حصول القدوة،


١ مجموع الفتاوى "١٣/ ٣٣٨".
٢ الاعتصام للشاطبي "٢/ ٢٦٧".
٣ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم "١/ ٧٠".
٤ وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق د. جمال بادي ص١٠٤.

<<  <   >  >>