وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] ؛ لأن الجريمة البشعة تتعدى الفرد إلى الاعتداء على النوع الإنساني كله وحرمانه حقه المقدس في الحياة، والتساهل في الاعتداء على حياة فرد واحد كفيل بأن يجعل القتل والقتال بين الناس أمرا عاديا، ويشجع على الجريمة المنظمة كما نرى في بعض المجتمعات المعاصرة.
غير أننا نرى -مع بالغ الأسف- قدرة الإنسان على التردي بالمبادئ النبيلة، وتسخيرها لغاياته الخاصة بل ربما لغايات تناقض مراميها، فقضية الإرهاب يجري التسامح معها وإغماض العين عنها، حين تمارسه دولة معتد بها لسبب بسيط هو أن تلك الدول تخدم المصالح الإستراتيجية للغرب، ويمكن أن نضع إسرائيل نموذجا لهذه الحالة. وفي الوقت نفسه يتهم الغرب دولا مسالمة بالإرهاب، ويطبق عليها عقوبات كثيرة لا لشيء سوى أن تلك الدول لا تسير في الخط المرسوم، ولا تلتزم بالتعليمات، مما جعل قضية الإرهاب قضية مائعة وسلبها الجدية الجديرة بها.
إن الإسلام ينظر لهذه القضية بميزان واحد، ويتعامل معها على أنها خطر يهدد سلامة الأبرياء, سواء صدرت عن دولة أو عن فرد من الأفراد، والقرآن يدعو المؤمنين لأن يكونوا عادلين منصفين في الأحوال كلها:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[الأنعام: ١٥٢] .