لقد احتفل العالم قبل سنتين بمرور نصف قرن على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكان الاحتفال مناسبة للتأمل في هذا الإعلان والظروف التي أدت إلى إصداره، وكان هناك اتفاق عام على أن الإعلان, بالرغم من المبادئ الإنسانية التي اشتمل عليها، إلا أن التطبيق خلال خمسين سنة قد كشف عيوبا أساسية سوف نتعرض لها في ثنايا هذا البحث، غير أن هذه المراجعة الشاملة للإعلان تضع على المسلمين مسئولية خاصة لإعطاء هذا الإعلان البعد الروحي والإنساني الذي يقدمه الإسلام، ولا يستطيع غيره أن يقدمه.
لقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة في اجتماعها بباريس في ١٠ ديسمبر ١٩٤٨ مبادئ إنسانية رفيعة، وأكد فيما أكده أن كل فرد وكل مؤسسة اجتماعية سوف تهتدي بروح الميثاق كما سيحاولون إشاعة مبادئه وتعاليمها وتعزيز احترام هذه الحقوق والحريات، بكل الوسائل الحضارية سواء كانت الحقوق وطنية أو دولية بهدف تأكيد الاعتراف بها والالتزام بمضمونها، كما أكد البيان حقوقا كثيرة للإنسان منها حق الحياة والحرية والأمن والحصانة ضد الاعتقال أو النفي الاعتباطي، وحقه في محاكمة عادلة، وكذلك حقه في التفكير والتعبير، والاعتقاد والدين، ونص على الالتزام للطبقات العاملة بحق العمل، والتأمين الاجتماعي، والعلم، والمشاركة في الحياة الثقافية في المجتمع.
وقد شجع صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على توقيع اتفاقيات دولية أخرى كالاتفاقية الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما أقرت الجمعية العامة إعلانات مماثلة تؤكد حقوق الطفل، ورفض التمييز العنصري والتمييز ضد المرأة، وهي مواثيق إنسانية لقيت وتلقى من العرب والمسلمين كل دعم وتأييد؛ لأنها تنسجم مع التقاليد العربية والتراث الإسلامي أيما انسجام.