للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[عاشرا: الإسلام والتعاون العالمي]

الإسلام دين عالمي: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الواقعة: ٨٠، الحاقة: ٤٣] ويخاطب القرآن الرسول الكريم قائلا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] . ومن هذا المنطلق ينظر الإسلام للناس جميعا على أنهم إخوة لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣] ، وهذه النظرة العالمية تختصر الطريق في اتجاه بناء علاقات إنسانية متوازنة، لا محل فيها لسلالية بغيضة، أو قومية عنصرية تدعي لنفسها حقا أو أفضلية على سائر الناس.

وترتكز العلاقات الدولية في نظر الإسلام على دعامتين أساسيتين: العدل، والحرية, ومنطق العدل أن تعطي حق الآخر، وأن تحافظ على حقك، فالحق أحق أن يتبع كما يقول القرآن الكريم، والله عز وجل لا يرضى لعباده العدوان وإنقاص الحقوق وهو القائل: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠] . أما الحرية فهي تشمل حرية التنقل، وحرية التجارة، وحرية انتقال البضائع، بحيث تكون حرية متبادلة, يحكمها الحرص على السلام، وتحقيق الأمن للجميع، أو ما يسمى بمنطق الدبلوماسية الحديثة "rec-iprocity" أو التبادل والمعاملة بالمثل، وفي ذلك يقول القرآن الكريم: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [الأنفال: ٦١] ويقول: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٧] . والإسلام يدعو الشعوب لأن تتكاتف على منع الظلم وردع العدوان قبل أن يستفحل ويصطلي بنيرانه القريب والبعيد، ويقول القرآن الكريم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا

<<  <   >  >>