للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يتحدث عن حق الإنسان، ويحمل تبشيرات للشعوب المقهورة، إلا أن النتيجة كانت دائما الحفاظ على مكتسبات العدوان من فوق المبادئ، فالثورة البلشيفية في عام ١٩١٧ جاءت في أمواج من الدم على أنقاض النظام القيصري، وكان من بين مبررات قيامها أن ذلك النظام الدموي قد فرض على الشعوب المجاورة -بالقوة المسلحة- نوعا من الاستعمار الذي فرضته الدول الغربية على دول آسيا وإفريقيا. ولنستمع إلى فقرة من الإعلان الذي أصدرته الحكومة السوفيتية "الشيوعية" بعد أن استقر لها الأمر: "إذا جرى الاحتفاظ بأية أمة بالقوة كجزء من دولة ما، وإذا حرمت قسرا ضد رغبتها المعلنة ضد هذا الظلم، أو حرمت من الاختيار الحر للشكل الدستوري لوجودها القومي، فإن دمجها في تلك الدولة يعتبر نوعا من الضم القسري"١.

وقد جاءت هذه التأكيدات في بيان وقعه أبو الثورة الشيوعية لينين، ونائبه في ذلك الحين جوزيف ستالين، كما كتب لينين قائلا: "إننا نريد دولة على أكبر مساحة، وتحالفا وثيقا مع أكبر عدد من الدول المجاورة لصالح الديمقراطية والاشتراكية، ولكن نريد التوحيد الحر؛ ولذلك فنحن ملزمون بالاعتراف بحرية الانفصال، وبدون ذلك لا يمكن نعت الوحدة بأنها اختيار حر". وجاء في المادة "٧٠" من دستور الاتحاد السوفيتي الصادر عام ١٩٧٧ ما يلي: "اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية هو دولة اتحادية واحدة متعددة القوميات قامت على أساس مبدأ الاتحادية الاشتراكية؛ نتيجة لتقرير مصير الأمم البحرية, وإقرار مبدأ الاتحاد الطوعي بين الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية المتكافئة في الحقوق"٢. ولم يقبل الشيشان هذا التنكر الصارخ للوعود والعهود، فرفضوا الاستعمار الروسي من اليوم الأول، ولم تتوقف المقاومة حتى بعد انهيار ثورة الشيخ شامل، وبقي نهر "تيربك" خط التصادم بين الجيش الروسي ومقاتلي الشيشان، وقد ألهم هذا الصراع


١ اقتباس المهند سعيد بينو "الشيشان والاستعمار الروسي".
٢ الموسوعة البريطانية.

<<  <   >  >>