للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا جمع الله بين الكاهن والشاعر، في قوله: {وَمَا هُو بِقَولِ شَاعِر قَليلاً مَا تُؤمِنُون وَلا بِقَولِ كَاهِن قَليلاً مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ} ١.

وكذلك في الشعراء: ذكر الكاهن والشاعر بعد قوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيل رَبِّ العَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين} ٢، إلى قوله: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُم كَاذِبُونَ} ٣ والرسول في آية الحاقة محمد.

وقال أيضاً: {إِنَّهُ لَقَولُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العَرشِ مَكِين مُطاع ثَمَّ أمين وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُون وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِين وَمَا هُوَ عَلَى الغَيبِ بِظَنِين وَمَا هُوَ بِقَولِ شَيْطَانٍ رَجِيم فَأَينَ تَذْهَبُون إِنْ هُوَ إِلا ذِكرٌ للعَالَمِينَ} ٤.

فلما أخبر به أنه قول رسول؛ هو ملك من الملائكة، نفى أن يكون قول شيطان. ولما أخبر هناك أنه قول رسول من البشر، نفى أن يكون قول شاعر، أو كاهن. فهذا تنزيه للقرآن نفسه.

ونزَّه الرسولَ أن يكون على الغيب بظنين: أي متّهم، وأن يكون بمجنون؛ فالجنون: فسادٌ في العلم، والتهمة: فسادٌ في القصد. كما قالوا: ساحرٌ، أو مجنون. وقال في الطور: {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُون أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيبَ المَنُون قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِني مَعَكُمْ مِنَ المُتَرَبِّصِين} ٥.


١ سورة الحاقة، الآيات ٤١-٤٣.
٢ سورة الشعراء، الآيات ١٩٢-١٩٥.
٣ سورة الشعراء، الآيات ٢٢١-٢٢٣.
٤ سورة التكوير، الآيات ١٩-٢٧.
٥ سورة الطور، الآيات ٢٩-٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>