للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجودة في الجواهر، قائمة بأنفسها؛ إما مجرّدة عن الأعيان، وإمّا مقترنة بها. وكذلك العدد، والمقدار، والخلاء، والدهر، والمادّة١: يدَّعون وجود ذلك في الخارج٢.

وكذلك ما يُثبتونه من العقول، والعلّة الأولى الذي يُسمّيه متأخّروهم: واجب الوجود٣.

وعامّة ما يُثبتونه من العقليّات، إنّما يُوجد في الذهن. فالذي لا ريب في وجوده: نفس الإنسان، وما يقوم بها. ثمّ ظنّوا ما يقوم بها من العقليات موجوداً في الخارج.

فكان إفسادهم للعقل أعظم، كما أنّ إفساد المتكلمين للحسّ أعظم.

الفلاسفة أصول علمهم العقليات والمتكلمون أصول علمهم الحسيات

مع أنّ هؤلاء المتفلسفة عمدتهم هي العلوم العقليّة. والعقليّات عندهم أصحّ من الحسيّات. وأولئك المتكلمون أصول علمهم هي الحسيّات، ثمّ يستدلّون بها على العقليّات. وبسط هذه الأمور له موضع آخر٤.


١ سبق بيان معنى المادة في ص ٣٦١ من هذا الكتاب. وانظر: منهاج السنة النبوية ٢٢٠٢-٢٠٣.
٢ انظر ما سبق في هذا الكتاب ص ٣٦٣.
٣ الفلاسفة يُقسمون الوجود إلى واجب وممكن، كما أن المتكلمين يُقسمونه إلى قديم وحادث.
قال ابن سينا: "لا شك أن هناك وجوداً. وكل وجود إما واجب وإما ممكن؛ فإن كان واجباً فقد صح وجود الواجب وهو المطلوب، وإن كان ممكناً فإنا نوضح أن الممكن ينتهي وجوده إلى واجب الوجود". النجاة لابن سينا ص ٣٨٣. وانظر ما سبق في هذا الكتاب ص ٣٠٧.
٤ قال شيخ الإسلام رحمه الله بعد أن استطرد في ذكر مسألة الجوهر، وبيان فساد من يقول: الأجسام مركبة من الجواهر التي لا تنقسم، أو مركبة من جوهرين قائمين بأنفسهما: "ومن عرف هذا زاحت عنه شبهات كثيرة في الإيمان بالله تعالى، وباليوم الآخر في الخلق، وفي البعث، وفي إحياء الأموات، وإعادة الأبدان، وغير ذلك مما هو مذكور في غير هذا الموضع. فهذا الموضع يحتاج إلى تحقيقه كل من نظر في هذه الأمور، فإنه بمعرفته تزول كثير من الشبهات المتعلقة بالله واليوم الآخر، ويعرف مِنَ الكلام الذي ذمه السلف، والمعقول الذي يقال إنه معارض للرسول، ما يتبين به أن هؤلاء خالفوا الحس والعقل". درء تعارض العقل والنقل ٥١٩٦-١٩٧.
وانظر كلام الفلاسفة والمتكلمين في بقاء الجواهر وعدم فنائها، وهل مادة العالم أزلية أم لا، وأن الله يخلقها خلق أعراض، في: منهاج السنة النبوية ١٣٦٠، ٢١٣٩، ١٤٣، ٢٠٢، ٥٤٤٣-٤٤٤. ودرء تعارض العقل والنقل ١١٢٢-١٢٤، ٣٠٨، ٣٨٣-٨٦، ١٦٣-١٦٤، ٤٤٤-٤٤٦، ٥١٩٥-٢٠٣. وشرح الأصفهانية١٢٦٠-٢٦٥. وبيان تلبيس الجهمية١١٧٨-١٧٩. ومجموع الفتاوى ٥٤٢١-٤٢٥، ١٧٢٤٢-٢٦٠، ٣١٣، ٤٤٣. وانظر ما سبق في هذا الكتاب ص ٣٤٩-٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>