٢ لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الجنّ - فيما ذكره الله تعالى عنهم -: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} [الجنّ ٨-١٠] . قال ابن عبّاس: "انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليه الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: مالكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب. قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث.." أخرجه البخاري في صحيحه ٢/٢٥٣. ومسلم في صحيحه ١/٣٣١. قال شيخ الإسلام: "وقد تواترت الأخبار بأنه حين المبعث كثر الرمي بالشهب، وهذا أمر خارق للعادة، حتى خاف بعض الناس أن يكون ذلك لخراب العالم، حتى نظروا هل الرمي بالكواكب التي في الفلك، أم الرمي بالشهب؟ فلما رأوا أنه بالشهب، علموا أنه لأمر حدث. وأرسلت الجن تطلب ذلك، حتى سمعت القرآن، فعلمت أنه كان لأجل ذلك". الجواب الصحيح ٥/٣٥٣-٣٥٤. ٣ وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله ذلك مراراً، وبيَّن أن أحوال المشعوذين تُقبل في مجتمعات الجاهلين، وتكثر حيث يقلّ العلم والعلماء العاملين. انظر: كتاب الصفدية ١/٢٣٣، ٢٣٦. والرد على المنطقيين ص ١٨٧. وهذا مشاهد الآن في بعض الأقطار التي يقلّ فيها نور الإسلام؛ فقد شاع بين بعض الناس علوم السحرة، والعرّافين، وأهل الزّار، ومن يُخبر عن الحظ، والطالع. ونفقت بضاعة المشعوذين والدجالين التي هي من علوم الجاهلية؛ كما قال شيخ البطائحية لشيخ الإسلام رحمه الله لما ناظرهم: "أحوالنا تظهر عند التتار، لا تظهر عند شرع محمد بن عبد الله". انظر: مجموع الفتاوى ١١/٤٥٥.