للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَة فَسِيرُوا في الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ} ١، فلم تبق أخبار الرسول وأقواله معروفة عندهم.

الثاني: أنّه قال تعالى: {تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُم فَهُوَ وَلِيّهُمُ اليَوْمَ} ٢، فإذا كان الشيطان قد زيّن لهم أعمالهم، كان في هؤلاء من درست أخبار الأنبياء عندهم، فلم يعرفوها. وأرسطو لم يأت إلى أرض الشام، ويُقال: إنّ الذين كانوا قبله كانوا يعرفون الأنبياء، لكن المعرفة المجملة لا تنفع؛ كمعرفة قريش؛ كانوا قد سمعوا بموسى، وعيسى، وإبراهيم سماعاً من غير معرفة بأحوالهم.

وأيضا: فهم وأمثالهم المشاؤون٣ أدركوا الإسلام وهم من أكفر الناس بما جاءت [به] ٤ الرسل. أما أنهم لا يطلبون معرفة أخبارهم، وما سمعوه: حرّفوه، أو حملوه على أصولهم.

وكثيرٌ من المتفلسفة هم من هؤلاء. فإذا كان هذا حال هؤلاء في ديار الإسلام، فما الظن بمن كان ببلادٍ٥ لا [يُعرف] ٦ فيها شريعة نبي، بل طريق معرفة الأنبياء كطريق معرفة نوعٍ من الآدميين خصّهم [الله] ٧ بخصائص، يعرف ذلك من أخبارهم، واستقراء أحوالهم؛ كما يعرف الأطباء، والفقهاء.


١ سورة النحل، الآية ٣٦.
٢ سورة النحل، الآية ٦٣.
٣ المشاؤون هم أتباع أرسطو. وسمّوا مشائين لأنهم كانوا يمشون ويلقون دروسهم وهم سائرون في الطريق.
انظر: إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي ص ١٤.
٤ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٥ في ((ط)) فقط: في بلاد.
٦ في ((م)) ، و ((ط)) : تعرف.
٧ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهي في ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>