للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنس النبوة يثبت بأحوال الأنبياء السابقين

ولهذا إنّما يقرّر الربّ تعالى في القرآن أمر النبوّة وإثبات جنسها بما وقع في العالم؛ من قصة نوح وقومه، وهود وقومه، وصالح وقومه، وشعيب، ولوط، وإبراهيم، وموسى، وغيرهم؛ [فيذكر] ١ وجود هؤلاء، وأنّ قوماً صدّقوهم، وقوماً كذّبوهم. ويُبيِّن حال من صدّقهم، وحال من كذّبهم؛ فيُعلم بالاضطرار حينئذٍ ثبوت هؤلاء٢، [ويتبيّن] ٣ وجود آثارهم في الأرض. فمن لم يكن رأى في بلده آثارهم، فليسر في الأرض، ولينظر آثارهم، وليسمع أخبارهم المتواترة. يقول الله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَومُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِير فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيد أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمَاً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ المَصِير} ٤.

ولهذا قال مؤمن آل فرعون٥ لمّا أراد إنذار قومه: {يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ


١ في ((خ)) : فتذكر. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ انظر: الجواب الصحيح ٥/١٤١-١٤٢، ٦/٣٤٥-٣٥٠. وشرح الطحاوية ص١٥١.
٣ في ((خ)) : وتبيين. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ سورة الحج، الآيات ٤٢-٤٨.
٥ ذكر الطبري رحمه الله اختلاف أهل العلم في هذا الرجل المؤمن؛ فقال بعضهم: كان الرجل إسرائيلياً، ولكنه كان يكتم إيمانه من آل فرعون. وقال آخرون - وهو الصواب: إنه من آل فرعون، قد أصغى لكلامه، واستمع منه ما قاله، وتوقف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله.
انظر: جامع البيان ٢٤/٥٩-٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>