للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يتوب منهم١ من يتوب بعد ذلك؛ كما تاب من قريش من تاب.

وأما حال إبراهيم٢: فكانت إلى الرحمة أميل، فلم يَسْعَ في هلاك قومه، لا بالدعاء، ولا بالمقام، ودوام إقامة الحجة عليهم.

وقد قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} ٣.

وكان كل قوم يطلبون هلاك نبيهم [فعوقبوا] ٤.

وقوم إبراهيم أوصلوه إلى العذاب، لكن جعله الله [تعالى] ٥ عليه برداً وسلاماً، ولم يفعلوا بعد ذلك ما يستحقون به العذاب؛ إذ الدنيا ليست دار الجزاء التام، وإنّما فيها من الجزاء ما [تحصل] ٦ به الحكمة والمصلحة؛ كما في العقوبات الشرعية.

فمن أراد أعداؤه من أتباع الأنبياء أن يهلكوه فعصمه الله٧، وجعل صورة الهلاك نعمة في حقه، ولم يهلك أعداءه، بل أخزاهم، ونصره؛ فهو أشبه بإبراهيم٨.


١ من أقوام الأنبياء عليهم السلام.
٢ في ((ط)) فقط: عليه السلام.
٣ سورة إبراهيم، الآيتان ١٣-١٤.
٤ في ((م)) ، و ((ط)) : إلا عوقبوا.
٥ ما بين المعقوفتين ليس في ((م)) ، و ((ط)) .
٦ في ((خ)) : يحصل. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٧ العبارة فيها لبس، ومعناها: أنّ من أتباع الأنبياء من يُريد أعداؤه أن يُهلكوه، ويعصمه الله منهم.
٨ جملة: (فهو أشبه إبراهيم) : جواب الشرط. ومعناه: من أراد أعداؤه إهلاكه، وعصمه الله، وجعل صورة الهلاك نعمة في حقه، وأخزى أعداءه، فهو أشبه بإبراهيم عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>