للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: بل فعل الربّ قديم أزليّ، وهو من صفاته الأزليّة؛ وهو قول قدماء الكلابيّة١، وهو الذي ذكره أصحاب ابن خزيمة٢

ما وقع بين ابن خزيمة والكلابية

لمّا وقع بينه وبينهم بسبب هذا الأصل، فكتبوا عقيدةً اصطلحوا عليها٣، وفيها: إثبات الفعل القديم الأزليّ.

وكان سبب ذلك أنّهم كانوا كلابيّة يقولون: إنّه لا يتكلّم بمشيئته وقدرته، بل كلامه المعيّن لازمٌ لذاته أزلاً وأبداً.


١ الكلابية: هم أتباع أبي محمد عبد الله بن سعيد القطان، المعروف بابن كلاب. سلك الأشعريّ مسلكه في طوره الثاني، وتوفي سنة ٢٤٠?.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الكلابية والأشعرية خير من هؤلاء - يقصد النجارية والضرارية - في باب الأسماء والصفات؛ فإنهم يثبتون لله الصفات العقلية، وأئمتهم يثبتون الصفات الخبرية في الجملة؛ كما فصّلتُ أقوالهم في غير هذا الموضع. وأما في القدر ومسائل الأسماء والأحكام فأقوالهم متقاربة) . مجموع الفتاوى ٣/١٠٣. وانظر: مقالات الإسلاميين ١/٣٥٠، ٣٥١،، ٢/٢٢٥-٢٢٧. وذكر مذاهب الفرق الثنتين والسبعين المخالفة للسنة والمبتدعين ص ١٣٩-١٤٠.
٢ أصحاب ابن خزيمة: المقصود بهم: أبو علي الثقفي، وأبو بكر الصيفي، وكانا من أخص تلاميذ ابن خزيمة وكانا يقولان بقول ابن كلاب في كلام الله: أنّه أزليّ، وأنّه لا يتكلّم إذا شاء، متى شاء، ولا يتعلّق ذلك بمشيئته. فوقع بين ابن خزيمة وبينهما في ذلك نزاع، حتى أظهروا موافقتهم له فيما لا نزاع فيه.
انظر: درء تعارض العقل والنقل ٢/٩، ٧٧-٨٣، ١٠١. ومجموع الفتاوى ١٧/٥٦. وسير أعلام النبلاء ١٤/٣٧٧-٣٨١.
وابن كُلاّب كان قد نفى أن يكون كلام الله تعالى من صفات الأفعال، وأثبته على أنّه كلامٌ يقوم بذات المتكلّم بلا قدرة ولا مشيئة، أزليّ كأزليّة العلم والقدرة. انظر: شرح حديث النزول لابن تيمية ص ١٦٩-١٧٠. ودرء تعارض العقل والنقل له ٢/١٨.
٣ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنّ هذه المشاجرة التي وقعت بين ابن خزيمة وبعض أصحابه، وما نتج عنها، ذكرها بطولها الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في تاريخ نيسابور. انظر: مجموع الفتاوى ١٧/٥٦. ودرء تعارض العقل والنقل ٢/٧٨-٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>