للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتراق الأمة بسبب طريقة الأعراض

والمقصود التنبيه على افتراق الأمة بسبب هذه الطريقة.

ولما عرف كثير من النّاس باطن قول ابن كلاب، وأنّه يقول: إنّ الله لم يتكلّم بالقرآن العربيّ، وإنّ كلامه شيء واحد؛ هو معنى آية الكرسيّ، وآية الدَّيْن١ عرفوا ما فيه من مخالفة الشرع والعقل؛ فنفروا٢ عنه، وعرفوا أنّ هؤلاء يقولون: إنّه لا يتكلّم بمشيئته وقدرته، فأنكروه.

وكان ممّن أنكر ذلك الكرّامية٣، وغير الكرّاميّة؛ كأصحاب أبي معاذ


١ ذكر أبو الحسن الأشعريّ أنّ ابن كُلاّب زعم أنّ كلام الله: "ليس بحروف ولا صوت، ولا ينقسم، ولا يتجزّأ، ولا يتبعّض، ولا يتغاير. وأنّه معنى واحد قائم بالله عزّ وجلّ، وأنّ الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن. وأنّه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو، أو بعضه، أو غيره. وأنّ العبارات عن كلام الله تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير؛ كما أنّ ذكرنا لله عزّ وجلّ يختلف ويتغاير، والمذكور لا يختلف ولا يتغاير. وإنّما سُمّيَ كلام الله سبحانه عربياً؛ لأنّ الرسم الذي هو العبارة عنه، وهو قراءته: عربيّ؛ فسُمّي عربياً لعلّة، وكذلك سُمّي عبرانياً لعلّة؛ وهي أنّ الرسم الذي هو عبارة عنه عبرانيّ ... ". مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري ٢/٢٥٧-٢٥٨.
وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ٨/٤٢٤-٤٢٥، ١٢/٤٩، ١٦٥، ٣٧٠-٣٧١، ١٧/٥٠-٥١، ١٤٧. والفتاوى المصرية ٥/١٥.
٢ في ((خ)) : فيفرّوا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ الكرامية: فرقة من فرق المرجئة، تنتسب إلى محمد بن كرّام. قال عنه الذهبي: عابد متكلّم شيخ الكرامية. مات بالشام سنة ٢٥٥ هـ.
قال شيخ الإسلام عنهم: "الكرامية قولهم في الإيمان قول منكر لم يسبقهم إليه أحد؛ حيث جعلوا الإيمان قول باللسان وإن كان مع عدم تصديق القلب؛ فيجعلون المنافق مؤمناً، لكنّه يخلد في النّار؛ فخالفوا الجماعة في الاسم دون الحكم. وأمّا في الصفات والقدر والوعيد فهم أشبه من أكثر طوائف الكلام التي في أقوالها مخالفة للسنّة". مجموع الفتاوى ٣/١٠٣.
وقال - رحمه الله - أيضاً إنّ الكراميّة المجسمة كلّهم حنفيّة. مجموع الفتاوى ٣/١٨٥.
وانظر: في بيان معتقد الكرامية: مجموع الفتاوى ٦/٣٦. والملل والنحل ١/١٠٨. والفرق بين الفرق ص ٢١٥-٢٢٥. وميزان الاعتدال ٤/٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>