للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادة، ولمن هو أفضل منهم من السابقين الأولين، والأنبياء المرسلين١.

وكان من أسباب ذلك أنّ العبادة والتألّه والمحبة ونحو ذلك ممّا يتكلّم فيه شيوخ المعرفة والتصوّف أمر معظّم في القلوب، والرسل إنّما بُعثوا بدعاء الخلق إلى أن يعرفوا الله، ويكون أحبّ إليهم من كلّ ما سواه، فيعبدوه ويألهوه، ولا يكون لهم معبود مألوه غيره٢.

وقد أنكر جمهور أولئك المتكلمين أن يكون الله محبوباً، أو أنّه يُحبّ شيئاً، أو يُحبّه أحد٣. وهذا في الحقيقة إنكار لكونه إلهاً معبوداً؛ فإنّ


١ قال شيخ الإسلام رحمه الله: "فإنّ ابن عربي وأمثاله وإن ادعوا أنهم من الصوفية، فهم من صوفية الملاحدة الفلاسفة، ليسوا من صوفية أهل الكلام، فضلاً عن أن يكونوا من مشايخ أهل الكتاب والسنة؛ كالفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبو سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبد الله التستري، وأمثالهم رضوان الله عليهم أجمعين". الفرقان ص ٢١٣.
٢ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "محبة الله، بل محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أصوله، وأجلّ قواعده، بل هي أصل كلّ عمل من أعمال الإيمان؛ كما أن التصديق به أصل كلّ قول من أقوال الإيمان والدين". مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/٤٨-٤٩. وانظر: جامع الرسائل ٢/٢٣٥.
وتقديم محبة الله تعالى على محبة ما سواه أحد الأسباب - بل أهمها - التي يجد العبد بها حلاوة الإيمان؛ كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كنّ فيه، وجد بهنّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه ممّا سواهما.." الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه ١/١٤، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان. ومسلم في صحيحه ١/٦٦، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتّصف بهنّ وجد حلاوة الإيمان.
٣ انظر: إنكار ابن كلاب لذلك في مقالات الإسلاميين ١/٢٥٠، ٢/٢٢٥. وإنكار الباقلاني في كتابه الإنصاف ص ٦٩. وابن فورك في مشكل الحديث وبيانه ص ٣٣٢. وابن جماعة في إيضاح الدليل ص ١٣٩. والقرطبي في تفسيره ٢٠/٤. ومدارك التنزيل للنسفي ١/٢٠٩. وعمدة القاري للعيني ٢٥/٨٤. وانظر: أيضاً: مجموع فتاوى ابن تيمية ١٠/٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>