للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتباع ذوقهم ووجدهم، وما تهواه أنفسهم، وسماع الشعر والغناء الذي يُحرّك هذا الوجد التابع لهذه الإرادة النفسانيّة التي مضمونها اتباع ما تهوى الأنفس بغير هدى من الله.

ومنهم: من يريد مطلق الدليل والنظر، ومطلق السماع والإرادة، من غير تقييدها لا بشرعيّ ولا ببدعيّ. فهؤلاء يُفسّرون قوله: {الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ} ١: بمطلق القول الذي يدخل فيه القرآن والغناء، ويستمعون إلى هذه وهذا، وأولئك٢ يُفسّرون الإرادة بمطلق المحبة للإله٣ من غير تقييدها بشرعيّ ولا بدعيّ، ويجعلون الجميع من أهل الإرادة؛ سواء عبد الله بما أمر الله به ورسوله من التوحيد وطاعة الرسول، أو كان عابداً للشيطان مشركاً، عابداً بالبدع، وهؤلاء أوسطهم، وهم أحسن حالاً من الذين قيّدوا ذلك بالبدعيّ

وأما القسم الثالث: فهم صفوة الأمة، وخيارها المتبعون للرسول علماً وعملاً، يدعون إلى النظر والاستدلال والاعتبار بالآيات والأدلة والبراهين التي بعث الله بها رسوله، وتدبّر القرآن وما فيه من البيان، ويدعون إلى المحبة والإرادة الشرعيّة؛ وهي محبة الله وحده، وإرادة عبادته وحده لا شريك له بما أمر به على لسان رسوله؛ فهم لا يعبدون إلا الله، ويعبدونه بما شرع وأمر، ويستمعون ما أحبّ استماعه، وهو قوله الذي قال فيه: {أَفَلَمْ يَدَّبَرُوْا الْقَوْلَ} ٤، وهو الذي قال فيه: {فَبَشِّرْ عِبَاْدِ الَّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ


١ سورة الزمر، الآية ١٨.
٢ يقصد الصوفية.
٣ في ((خ)) : للتأله. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ سورة المؤمنون، الآية ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>