للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشعري بنى أصول الدين على دليل الحوادث

والمقصود هنا: أنّ الأشعريّ بنى أصول الدين في ((اللمع)) ، و ((رسالة الثغر)) على كون الإنسان مخلوقاً محدثاً، فلا بُدّ له من محدِث١، لكون هذا الدليل مذكوراً في القرآن، فيكون شرعيّاً عقليّاً.

لكنّه في نفس الأمر سلك في ذلك طريقة الجهميّة بعينها٢؛ وهو الاستدلال على حدوث الإنسان بأنّه مُركّب من الجواهر المفردة٣، فلم يخل من الحوادث، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث؛ فجعل العلم بكون الإنسان محدَثاً، وبكون غيره من الأجسام المشهودة محدثاً إنّما يُعلم بهذه الطريقة؛ وهو أنّه مؤلّف من الجواهر المفردة، وهي لا تخلو من اجتماع وافتراق - وتلك أعراض حادثة٤ - وما لم ينفكّ من الحوادث، فهو محدَث٥.


١ انظر: اللمع للأشعريّ ص ٦ - ط مكارثي -. ورسالة إلى أهل الثغر ص ١٤٤.
٢ وهذا تقدّم توضيحه قريباً ص ٣٠٣.
٣ الجواهر المفردة: تُعرف بأنها الجزء الذي لا يتجزأ، وهو متحيّز لا ينقسم لا بالفكّ والقطع، ولا بالوهم والغرض. انظر: الصحائف الإلهيّة للسمرقندي ص ٢٥٥.
وقال صاحب التعريفات عنها: "والجزء الذي لا يتجزأ: جوهر ذو وضع لا يقبل الانقسام أصلاً، لا بحسب الوهم أو الغرض العقليّ. وتتألف الأجسام من أفراده بانضمام بعضها إلى بعض كما هو مذهب المتكلمين". التعريفات للجرجاني ص ١٠٣. وانظر: الإرشاد للجويني ص ١٧. وأصول الدين للبغدادي ص ٣٣.
٤ وهي من الأكوان الأربعة. والأكوان بعض الأعراض؛ كما تقدّم ص ٢٥٨.
٥ وقد نقل عنه تمسّكه بهذه الطريقة - طريقة الأعراض وحدوث الأجسام -، وبناءه عليها، وتأويله للنصوص كي يُوافقها من جاء بعده من أعلام الأشاعرة؛ كابن فورك في المجرد ص ٦٧. والجويني في الإرشاد ص ١٢٠. والبغدادي في أصول الدين ص ١١٣. والبيهقي في الأسماء والصفات ص ٥١٧، ٥٦٤. والشهرستاني في نهاية الإقدام ص ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>