للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الفرح منه بتوبة التائب يُناسب محبّته له، ومودّته له. وكذلك قوله في الآية الأخرى: {وَهُوَ الْغَفُوْرُ الْوَدُوْدُ} ١، فإنّه مثل قوله: {وَهُوَ الرَّحِيْم الْغَفُوْرُ} ٢.

وأيضاً: فإنّ كونه مودوداً؛ أي محبوباً، يُذكر على الوجه الكامل الذي يتبيّن اختصاصه به؛ مثل: [اسم] ٣ الإله؛ فإنّ الإله: المعبود هو مودودٌ بذلك، ومثل اسمه الصمد، ومثل ذي الجلال والإكرام، ونحو ذلك٤.

وكونه مودوداً ليس بعجيب، وإنّما العجب: جوده، وإحسانه؛ فإنّه يتودّد إلى عباده، كما جاء في الأثر: "يا عبدي! كم أتودّد إليك بالنّعم، وأنت تتمقّت إليّ بالمعاصي، ولا يزال مَلَكٌ كريم يصعد إليّ منك بعمل سيء"٥. وفي

الصحيحين عن النبيّ [صلى الله عليه وسلم] أنّه قال: يقول الله تعالى: "من


١ سورة البروج، الآية ١٤.
٢ سورة سبأ، الآية ٢.
٣ في ((ط)) : الاسم. وما أثبت من ((خ)) ، و ((م)) .
٤ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهو سبحانه يحب عباده الذين يحبونه، والمحبوب لغيره أولى أن يكون محبوباً. فإذا كنّا إذا أحببنا شيئاً لله كان الله هو المحبوب في الحقيقة، وحبّنا لذلك بطريق التبع. وكنّا نحب من يحب الله لأنّه يُحب الله، فالله تعالى يُحبّ الذين يحبونه؛ فهو المستحق أن يكون هو المحبوب المألوه المعبود، وأن يكون غاية كل حب". درء تعارض العقل والنقل ٤١٥. وانظر: أيضاً المصدر نفسه - عن المحبّة - ٩٣٧٤-٣٧٦،، ٦٧٢-٧٣. وجامع الرسائل ٢٢٥٤.
٥ روى أبو نعيم الأصبهاني عن مالك بن دينار أنّه قال: "قرأت في بعض الكتب أنّ الله تعالى يقول: يا ابن آدم خيري ينزل عليك، وشرّك يصعد إليّ، وأتحبّب إليك بالنّعم، وتتبغّض إليّ بالمعاصي، ولا يزال ملك كريم قد عرج منك إليّ بعمل قبيح". حلية الأولياء ٢٣٥٨.
وانظر: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ١١٩٤. وإثبات صفة العلو لابن قدامه ص ١١٣وقال محققه: إسناده ضعيف لجهالة الشيخ القرشي. وأورده الذهبي من طريق ابن أبي الدنيا ص ٩٧ وقال: إسناده مظلم. وانظر: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم ص ٢٦٨، فقد ذكر أنّ هذا الأثر رواه ابن أبي الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>