للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّه١ أراد أنّه هو الذي يودّ عباده؛ كما أنّه هو الذي يرحمهم ويغفر لهم؛ فإنّ شعيباً قال: {وَاسْتَغْفِرُوْا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوْبُوْا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّيْ رَحِيْمٌ وَدُوْدٌ} ٢؛ فذكر رحمته وودّه؛ كما قال تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} ٣. وهو أراد وصفاً يُبيّن لهم أنّه سبحانه يغفر الذنب، ويُقبل على التائب؛ وهو كونه وَدوداً؛ كما قال: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّاْبِيْنَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِيْنَ} ٤. وقد ثبت في الصحاح من غير وجهٍ عن النبيّ [صلى الله عليه وسلم] أنّ الله يفرح بتوبة التائب أشدّ من فرح من فقد راحلته بأرضٍ دَوِّيَّةٍ٥ مُهلكة، ثمّ وجدها بعد اليأس٦.


١ في ((م)) ، و ((ط)) زيادة كلمة (صح) بعد: أنّه، وهي ليست في ((خ)) . ولا وجه لإثباتها.
٢ سورة هود، الآية ٩٠.
٣ سورة الروم، الآية ٢١.
٤ سورة البقرة، الآية ٢٢٢.
٥ الأرض الدويّة: هي الأرض القفر، والفلاة الخالية. قال الخليل: هي المفازة، قالوا: ويُقال: دوية، وداوية: مهلكة: هي موضع خوف الهلاك. ويُقال لها مفازة، قيل: إنّه من قولهم: فوز الرجل إذا هلك. وقيل: على سبيل التفاؤل بفوزه ونجاته منها؛ كما يُقال للّديغ: سليم. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٢١٤٣، ٥٢٧١. وشرح النووي على صحيح مسلم ١٧٦١.
٦ يُشير رحمه الله إلى الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما، ولفظه: "لله أشدّ فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجلٍ في أرضٍ دوّيّة مهلكة، معه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت. فطلبها، حتى أدركه العطش، ثمّ قال: أرجع إلى مكاني الذي كنتُ فيه، فأنام حتى أموت. فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته، وعليها زاده وطعامه وشرابه. فالله أشدّ فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده" الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٥٢٣٢٤-٢٣٢٥، كتاب الدعوات، باب التوبة. ومسلم في صحيحه ٤٢١٠٢-٢١٠٣، كتاب التوبة، باب في الحضّ على التوبة والفرح بها. ومسند الإمام أحمد ٣٨٣؛ كلهم أخرجوه بألفاظ متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>