للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُحِبّ شيئاً مخصوصاً، لكن محبّته بمعنى مشيئته العامّة١. ومن النّاس من قال: أنّه لا يُحَبّ، مع أنّه يُثبت محبّته للمؤمنين.

القسمة في المحبة رباعية

فالقسمة في المحبّة رباعيّة؛ فالسلف وأهل المعرفة أثبتوا النوعين؛ قالوا: إنّه يُحِبّ، ويُحَبّ. والجهميّة والمعتزلة تُنكر الأمرين٢. ومن النّاس من قال: إنّه يُحبّه المؤمنون، وأمّا هو، فلا يُحبّ شيئاً دون شيء. ومنهم من عكس فقال: بل هو يُحبّ المؤمنين، مع أنّ ذاتَه لا يُحَبّ٣؛ كما


١ ومن هؤلاء: غلاة الصوفيّة؛ فإنّهم يعتقدون أنّه ليس في مشهدهم لله محبوبٌ، مرضيّ، مرادٌ إلا ما يقع، فما وقع فالله يُحِبّه ويرضاه، وما لم يقع فالله لا يحبه ولا يرضاه. فمشيئة الله العامّة التي تقع كلّها محبوبة له، يُريدها، ويرضى عنها كما زعموا.
انظر: رسالة الاحتجاج بالقدر لابن تيمية ص ٨٠-٨١.
ومن هؤلاء: الأشاعرة، ومن وافقهم؛ فإنّه لما ثبت عندهم أنّ المشيئة، والإرادة، والمحبّة، والرضى كلّها بمعنى واحد - على حدّ زعمهم، قالوا: فالمعاصي والكفر كلها محبوبة لله؛ لأنّ الله شاءها وخلقها.
انظر: رسالة الاحتجاج بالقدر لابن تيمية ص ٦٧. ومدارج السالكين لابن القيم ١٢٢٨، ٢٥١، ٢١٨٩.
ولازم هذا القول: أنّ الله - تعالى عن ذلك - يُحِبّ الكفر والمعاصي. انظر: الرسالة الأكملية - ضمن مجموع الفتاوى ٦١١٥-١١٦ -.
٢ انظر: درء تعارض العقل والنقل ٦٦٢-٦٦. وجامع الرسائل ٢٢٤٥. ومجموع الفتاوى ٨٣٥٦.
٣ وقد بيّن شيخ الإسلام رحمه الله بطلان هذا القول، وذكر أنّ المحبوبات على قسمين، فقال: "المحبوبات على قسمين: قسمٌ يُحبّ لنفسه، وقسمٌ يُحب لغيره. إذ لا بُدّ من محبوبٍ يُحبّ لنفسه. وليس شيء شُرع أن يُحبّ لذاته إلا الله تعالى. وكذلك التعظيم لذاته، تارة يُعظّم الشيء لنفسه، وتارة يعظّم لغيره. وليس شيء يستحق التعظيم لذاته إلا الله تعالى. وكلّ ما أمر الله أن يُحَبّ ويُعظّم، فإنّما محبّته لله وتعظيمه عبادة لله؛ فالله هو المحبوب المعظَّم في المحبّة والتعظيم، المقصود المستقر الذي إليه المنتهى ... ". جامع الرسائل - قاعدة في المحبّة - ٢٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>