للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم بكونه مفعولاً يوجب العلم بحدوثه، وإن لم يخطر بالبال كونه مفعولاً بالقدرة والاختيار١.

ثمّ قد يُقال: ما من مفعول إلا وهو مفعولٌ بالاختيار. والقديم إذا قُدّر فاعلاً بلا مشيئة، كان ذلك ممتنعاً. والموجب بالذات إذا قيل هو موجب بذاته المتصفة بمشيئته وقدرته لما يشاؤه، و [هذا] ٢ حقّ، وهو مستلزمٌ لكونه فاعلاً بمشيئته وقدرته. وأمّا موجب بلا مشيئة، أو موجب يُقارنه موجب، فهذان باطلان، وبهما ضلّ من ضلّ من االمتفلسفة القائلين بقدم الفلك ونفي الصفات. ولكن: من أراد إحداث شيء وأحدثه، لم يجب أن تنقطع إرادته، بل قد يكون مريداً له ما دام موجوداً، ولولا أنّه مريد لوجوده لما فعله. فكلّ ما شاء الله وجوده، فهو مريد إحداثه وبقاءه ما دام باقياً. وأمّا الإرادة والمحبّة المتعلّقة بالقديم: فليست إرادة فعل فيه، بل هي محبّة ذاته. وكلّ إرادة ومحبّة، فلا بُدّ أن تنتهي إلى محبوبٍ لذاته. وكلّ فاعل بالإرادة، فإرادته تستلزم محبّة عامّة لأجلها فعل٣.

فالحبّ أصل وجود كلّ موجود، والربّ تعالى يُحبّ نفسه. ومن لوازم [حبّه] ٤ نفسه: أنّها محبّة مريدة لما يريد أن يفعله، وما أراد فعله، فهو يريده لغاية يُحبّها؛ فالحبّ هو العلّة الغائيّة التي لأجله كان كلّ شيء.


١ انظر: مختصر الصواعق لابن الموصلي ٢١١٦.
٢ في ((خ)) : ولهذا. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ انظر: قاعدة في المحبّة - ضمن جامع الرسائل ٢٤٠١ -.
٤ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>