للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفلاسفة يصفون الله بالابتهاج والفرح

والمتفلسفة يصفونه بالابتهاج و [الفرح] ١؛ كما جاءت به النصوص النبويّة، لكنّهم يُقصّرون في معرفة هذا وأمثاله من الأمور الإلهيّة؛ فإنّهم يقولون: اللّذّة إدراك الملائم من حيث هو ملائم، وهو مدرك لذاته بأفضل إدراك٢؛ فهو أفضل مدرِك لأفضل مدرَك بأفضل [إدراك] ٣.

تقصير الفلاسفة في ذلك من ثلاثة أوجه

وقد قصّروا في ذلك من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنّ اللّذّة والفرح والسرور والبهجة ليس هو مجرّد الإدراك، بل هو حاصل عقب الإدراك؛ فالإدراك موجب له، ولا بُدّ في وجوده من محبّة. فهنا ثلاثة أمور: محبّة، وإدراك لمحبوب، ولذّة تحصل بالإدراك. وهذا في اللّذّات الدنيويّة الحسيّة وغيرها؛ فإنّ الإنسان يشتهي الحلو ويُحبّه، فإذا ذاقه التذّ بذوقه، والذوق هو الإدراك٤. وكذلك في لذّات قلبه يُحِبّ الله؛ فإنّه إذا ذكره، وصلّى له، وجد حلاوة ذلك؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "جُعِلَتْ قُرّة عيني في الصلاة"٥.

وأهل الجنّة إذا تجلّى لهم، فنظروا إليه، قال: فما أعطاهم شيئاً أحبّ إليهم من النّظر إليه٦.


١ في ((خ)) : الفرج. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ انظر: المباحث المشرقية في علم الإلهيّات والطبيعيّات للرازي ١٥١٣-٥١٤.
٣ في ((خ)) : ادرك. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ انظر: المباحث المشرقية للرازي ١٥١٤؛ فقد ذكر نحواً من كلام شيخ الإسلام هذا.
٥ الحديث رواه أحمد في المسند ٣١٢٨، ١٩٩، ٢٨٥. والنسائي ٧٦١ في عشرة النساء، باب حبّ النساء. والحاكم في المستدرك ٢١٦٠، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبيّ من حديث أنس.
٦ هو جزء من حديث سبق تخريجه ص ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>