للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقليّة. والحسيّة في الدنيا غايتها دفع الألم. والوهميّة خيالات [وأضغاث] ١، واللذّة الحقيقيّة هي العلم. فجعلوا جنس العلم غاية، وغلطوا من وجوه: أحدها: أنّ العلم بحسب المعلوم، فإذا كان المعلوم محبوباً تكمل النفس بحبّه، كان العلم به كذلك. وإن كان مكروهاً، كان العلم به لحذره، ودفع ضرره؛ كالعلم بما يضرّ الإنسان من شياطين الإنس والجنّ. فلم يكن المقصود نفس العلم، بل المعلوم. ولهذا قد يقولون: سعادتها في العلم بالأمور الباقية٢، وأنّها تبقى ببقاء معلومها. ثمّ يظنّون أنّ الفَلَك والعقول والنفوس أمور باقية، وأنّ بمعرفة هذه تحصل سعادة النفس. وأبو حامد في مثل ((معراج السالكين)) ، ونحوه، يُشير إلى هذا٣؛ فإنّ كلامه برزخٌ بين المسلمين وبين الفلاسفة؛ ففيه فلسفة مشوبة بإسلام، وإسلامٌ مشوبٌ بفلسفة٤،

الغزالي بين المسلمين والفلاسفة

ولهذا


١ في ((خ)) رسمت: (واصحار) كذا مهملة. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ انظر: كتاب العلم، ضمن إحياء علوم الدين للغزالي.
٣ انظر: معراج السالكين - ضمن مجموعة القصور العوالي ٣١١٣-١١٤ -.
وقال الغزالي في المضنون به على غير أهله - ضمن القصور العوالي ٢١٦٢: "وأمّا الكلام في أنّ بعض هذه اللّذّات ممّا لا يُرغَب فيها؛ مثل اللبن، والاستبرق، والطلح المنضود، والسدر المخضود، فهذا ممّا خوطب به جماعة يعظم ذلك في أعينهم، ويشتهونه غاية الشهوة".
٤ وقال شيخ الإسلام رحمه الله عنه أيضاً: "ولهذا جعلوا كثيراً من كلامه برزخاً بين المسلمين والفلاسفة المشائين؛ فالمسلم يتفلسف به على طريقة المشائين تفلسف مسلم، والفيلسوف يسلم به إسلام فيلسوف، فلا يكون مسلماً محضاً، ولا فيلسوفاً محضاً على طريقة المشائين". منهاج السنة النبوية ١٣٥٧. وانظر: بغية المرتاد ص ١٩٣، ١٩٨، ١٩٩. وشرح الأصفهانية ٢٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>