للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخوف مطلوبٌ لغيره، ليدعو النّفس إلى فعل الواجب، وترك المحرّم. وأمّا الطمأنينة بذكره، وفرح القلب به، ومحبّته، فمطلوب لذاته. ولهذا يبقى معهم هذا في الجنّة، فيُلهَمون التسبيح، كما يُلهَمون النَّفَس١.

اللذات عند الفلاسفة ثلاث

والمتفلسفة٢ رأوا اللّذّات في الدنيا ثلاثة٣: حسيّة، ووهميّة،


١ أخرج مسلم في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ أهل الجنّة يأكلون فيها، ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يمتخطون". قالوا: فما بال الطعام؟ قال: "جشاء، ورشح كرشح المسك، يُلهمون التسبيح والتحميد، كما يُلهمون النَّفس". صحيح مسلم ٤٢١٨٠-٢١٨١، كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفات أهل الجنّة وتسبيحهم فيها بكرة وعشيّاً. ومسند الإمام أحمد ٣٣٤٩. وانظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ٢٢١١.
٢ الفلاسفة هم طائفة من اليونانيّين يشتغلون بالفلسفة، ولهم أقوال مختلفة. وكلمة فلسفة كلمة يونانيّة مركّبة من فيلو، ومعناها: محبّ، وسوفيا، ومعناها: الحكمة. فالفيلسوف هو محبّ الحكمة. ومذهبهم: أنّ العالّم قديم، وعلّته مؤثّرة بالإيجاب، وليست فاعلة بالاختيار. وأكثرهم ينكرون علم الله تعالى، وينكرون حشر الأجساد. وتأثّر بهم كثيرٌ ممّن أراد أن يجمع بين الشريعة والفلسفة؛ مثل ملاحدة الصوفيّة، والشيعة. انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ١٤١. والملل والنحل ٢١٥٥. والمعجم الفلسفي ص ١٣٨-١٤٠. والجواب الصحيح ٦٢٢-٤٥. وكتاب الصفدية ١٢٦٧،، ٢٣٢٣. والرد على المنطقيّين ص ٣٣٢.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الفلسفة: "والفلسفة هي باطن الباطنيّة، ولهذا صار في هؤلاء نوع من الإلحاد، فقلّ أن يسلم من دخل مع هؤلاء في نوع من الإلحاد في أسماء الله وآياته، وتحريف الكلم عن مواضعه". درء تعارض العقل والنقل ٣٢٦٩.
٣ ولقد شاركهم الرازي، وقسّمها مثل تقسيمهم في آخر كتبه؛ وهو كتاب أقسام اللّذّات، وبيّن أنّها ثلاثة: الحسيّة؛ كالأكل، والشراب، والنكاح، واللباس. واللذة الخياليّة الوهميّة؛ كلذة الرياسة، والأمر، والنهي، والترفع، ونحوها. واللذة العقليّة؛ كلذة العلوم، والمعارف. وهي الحقّ، وأنّ شرف العلم بشرف المعلوم. انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية ص ٣٠٤-٣٠٥. وجامع الرسائل ٢٢٥٠-٢٥١. وانظر: ما سيأتي لاحقاً ص ٤٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>