للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مكة؛ فإنّ السالك إليها له ثلاثة أصناف من الشغل:

الأول: تهيئة الأسباب؛ كشراء الزاد، والراحلة، وخرز الراوية١.

والآخر: السلوك، ومفارقة الوطن، بالتوجّه إلى الكعبة، منزلاً بعد منزل.

والثالث: الاشتغال بأركان الحجّ، ركناً بعد ركن، ثمّ بعد النزوع٢ عن لبسة الإحرام، وطواف الوداع، استحقّ التعرّض للملك، والسلطنة. قال: فالعلوم ثلاثة٣: قسمٌ يجري مجرى سلوك البوادي، وقطع العقبات؛ وهو تطهير الباطن عن كدورات الصفات، وطلوع تلك [العقبة] ٤ الشامخة التي عجز عنها الأوّلون والآخرون، إلا الموفّقون.

قال٥: فهذا سلوك للطريق، وتحصيل علمه٦؛ كتحصيل علم جهات الطريق، ومنازله. وكما لا يغني علم المنازل وطريق البوادي دون سلوكها، فكذا لا يغني علم تهذيب الأخلاق دون مباشرة التهذيب. لكن المباشرة دون العلم، غير ممكن.

قال: وقسم ثالث يجري مجرى نفس الحج وأركانه؛ وهو العلم بالله، وصفاته، وملائكته، وأفعاله، وجميع ما ذكرناه في تراجم علم المكاشفة.


١ خرز الرواية خياطة الأدم. لسان العرب ٥٣٤٤، والمصباح المنير ص ١٦٦ والمقصود خياطة القربة للماء.
٢ في إحياء علوم الدين: ثمّ بعد الفراغ والنزوع.
٣ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالىهنا القسمين الثاني والثالث من العلوم التي ذكرها الغزالي في الإحياء، وترك الأول منها؛ وهو: "قسم يجري مجرى إعداد الزاد والراحلة، وشراء الناقة؛ وهو علم الطب، والفقه، وما يتعلّق بمصالح البدن في الدنيا". إحياء علوم الدين ١٥٤.
٤ في ((خ)) : العاقبة. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ أي أبو حامد الغزالي.
٦ أي علم الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>