للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وها هنا نجاة وفوز بالسعادة. والنجاة حاصلة لكلّ سالك للطريق، إذا كان غرضه المقصد؛ وهو السلامة. وأمّا الفوز بالسعادة: فلا ينالها إلا العارِفون؛ فهم المقرّبون المنعّمون في جوار الله بالروح، والريحان، وجنّة نعيم١.

وأما الممنوعون دون ذروة الكمال، فلهم النجاة والسلامة؛ كما قال تعالى: {فَأَمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنَ الْمُقَرَّبِيْن فَرَوْحٌ وَرَيْحَاْنٌ وَجَنَّةُ نَعِيْمٍ وَأَمَّاْ إِنْ كَاْنَ مِنْ أَصْحَاْبِ الْيَمِيْنِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَاْبِ الْيَمِيْن} ٢.

وقال: وكل من لم يتوجّه إلى المقصد، أو انتهض إلى جهته لا على قصد الامتثال بالأمر والعبوديّة، بل لغرض عاجل، فهو من أصحاب الشمال، ومن الضالّين؛ فله نزلٌ من حميم وتصلية جحيم.

قال: واعلم أنّ هذا هو الحق اليقين عند العلماء الراسخين في العلم؛ أعني أنّهم أدركوه بمشاهدة من الباطن. ومشاهدة الباطن أقوى وأجلّ من مشاهدة الأبصار٣، وترقّوا فيه عن حدّ التقليد إلى الاستبصار٤.


١ في ((م)) ، و ((ط)) : وجنّةٍ، ونعيم - بزيادة الواو.
٢ سورة الواقعة، الآيات ٨٨-٩١.
٣ والغزالي يمتدح الصوفية بأنها أفضل الطرق الموصلة للمكاشفات، فيقول: "ومن أول الطريقة تبتدي المكاشفات والمشاهدات، حتى إنّهم في يقظتهم يُشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتاً، ويقتبسون منهم فوائد. ثمّ يترقّى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، فلا يحاول معبّر أن يُعبّر عنها، إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح لا يمكنه الاحتراز منه". المنقذ من الضلال ص ٥٠.
٤ إحياء علوم الدين للغزالي ١٥٤-٥٥، مع اختلاف يسير جداً في بعض الكلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>