للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن سمى هذا لذة، فالألفاظ المجملة التي قد يُفهم منها معنى فاسد إذا لم ترد في كلام الشارع لم [نكن] ١ محتاجين إلى إطلاقها؛ كلفظ (العشق) . وإن أُريد به المحبة التامّة، وقد أطلق بعضهم٢ على الله أنّه يعشق، ويُعشق، وأراد به أنه يُحِبّ، ويُحَبّ محبة تامة، فالمعنى صحيح، واللفظ فيه نزاع. واللذة يُفهم منها لذة الأكل، والشرب، والجماع؛ كما يُفهم من العشق المحبة الفاسدة، والتصور الفاسد، ونحو ذلك ممّا يجب تنزيه الله عنه؛ فإنّ الذين قالوا لا يجوز وصفه بأنّه يعشق؛ منهم من قال: لأنّ العشق هو الإفراط في المحبة، والله تعالى لا إفراط في حبّه. ومنهم من قال: لأنّ العشق لا يكون إلا مع فساد التصوّر للمعشوق، وإلا فمع صحة التصور لا يحصل إفراط في الحبّ. وهذا المعنى لا يُمدح فاعله؛ فإنّ من تصوّر في الله ما هو منزّه عنه، فهو مذموم على تصوّره، ولوازم تصوّره. ومنهم من قال: لأنّ الشرع لم يرد بهذا اللفظ، وفيه إبهام، وإيهام، فلا يُطلق. وهذا أقرب. وآخرون يُنكرون محبة الله، وأن يُحِب ويُحَب؛ كالمعتزلة، والجهميّة، ومن وافقهم من الأشعرية٣، وغيرهم، فهؤلاء يكون الكلام


١ في ((خ)) : يكن. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ قال شيخ الإسلام رحمه الله عن الفلاسفة: "ويقولون إنه عاشق، ومعشوق، وعشق. مع أنّ لفظ العشق فيه من التشبيه واحتمال النقص ما لا يخفى على عاقل. وليس في الكتب الإلهية تسميته بعقل، ولا عاشق، ولا معقول، ولا معشوق". درء تعارض العقل والنقل ٥٨٢. وانظر: المصدر نفسه ٥٢٤٧،، ٩٣٠٤-٣١٠، ١٠٢٢٤ والصفدية ١٣٦. ومنهاج السنة النبوية ٣١٨٣.
٣ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن إنكار هؤلاء لمحبة الله تعالى: "وكان الجعد ... أول من ظهر عنه التعطيل بإنكار صفات الله تعالى، وبإنكار محبته، وتكليمه؛ كما يقول هؤلاء المتفلسفة، والجهمية، والباطنية، ونحوهم من المعطلة، والجهمية، والمعتزلة، ومن اتبعهم؛ فيُنكرون أن يكون الله يُحِب، أو يُحَب حقيقةً، ويُنكرون التمتع برؤيته، ويُنكرون أن يكون هو سبحانه موصوفاً بالفرح، ونحوه؛ لزعمهم أنّ هذا من نوع اللذة، والبهجة. والله لا يُوصف بذلك عندهم ... ". كتاب الصفدية ٢٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>