للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسفهاء؛ فإنّ المجنون والسفيه قد [يُعطي] ١ مالاً عظيماً لمن ليس هو له بأهل. وقد يُعاقب عقوبة عظيمة [لمن] ٢ هو أهل للإكرام والإحسان.

تنازع الناس في معنى الظلم

والربّ تعالى أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، وخير الراحمين. والحكمة وضع الأشياء مواضعها، والظلم وضع الشيء في غير موضعه٣.

ومن تدبّر حكمته في مخلوقاته، ومشروعاته٤ رأى ما يُبهر العقول؛ فإنّه


١ في ((م)) ، و ((ط)) : يعطى.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : من.
٣ وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تنازع الناس في معنى الظلم على ثلاثة أقوال.
القول الأول: قول المجبرة والأشعريّة: "أنّه هو التصرّف في ملك الغير بغير إذنه، أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته. وكلاهما منتفٍ في حق الله تعالى". جامع الرسائل ١١٢٧.
وانظر معنى الظلم عند الأشعري في: الملل والنحل ١١٠١.
وقد نقلت هذا القول بتوسّع من قول شيخ الإسلام رحمه الله في ص ٥٦٠-٥٦١، ٥٦٤-٥٧١ من هذا الكتاب. وانظر جامع الرسائل ١١٢١.
الثاني: قول المعتزلة: "أنّه عدل لا يظلم، لأنه لم يُرد وجود شيء من الذنوب؛ لا الكفر، ولا الفسوق، ولا العصيان. بل العباد فعلوا ذلك بغير مشيئته؛ كما فعلوه عاصين لأمره. وهو لم يخلق شيئاً من أفعال العباد؛ لا خيراً، ولا شراً، بل هم أحدثوا أفعالهم. فلمّا أحدثوا معاصيهم استحقوا العقوبة عليها؛ فعاقبهم بأفعالهم، لم يظلمهم". جامع الرسائل ١١٢٣.
الثالث: قول أهل السنة: "أنّ الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والعدل وضع كل شيء في موضعه. وهو سبحانه حكم عدل يضع الأشياء مواضعها، ولا يضع شيئاً إلا في موضعه الذي يُناسبه، وتقتضيه الحكمة والعدل، ولا يُفرّق بين متماثلين، ولا يُسوّي بين مختلفين، ولا يُعاقب إلا من يستحقّ العقوبة؛ فيضعها موضعها، لما في ذلك من الحكمة والعدل". جامع الرسائل ١١٢٣-١٢٤. وانظر منهاج السنة ١١٣٤، ٢٣٠٤، ٣٠٩، ٣١٢.
٤ وقد تكلّم شيخ الإسلام رحمه الله عن الحكمة من بعض مخلوقات الله في الجواب الصحيح ٦٣٩٦.
وتكلّم تلميذه الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله عن بعض هذه الحكمة في مخلوقات الله.
انظر مفتاح دارالسعادة ١١٨٨، ٢١٠، ٢٥٦، ٢٥٧.
وانظر الحكمة في شرع الله في كتاب ((حجة الله البالغة)) للشاه ولي الله الدهلوي ١١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>