للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلامٌ صحيحٌ، لكن كونه: علم الصدق، مناقضٌ لأصولهم؛ فإنّه إنّما يكون علم الصادق إذا كان الربّ منزّهاً عن أن يفعله على يد الكاذب، أو علم بالاضطرار أنّه إنّما فعله لتصديق الصادق، أو أنّه لا يفعله على يد الكاذب.

وإذا عُلم بالاضطرار تنزّهه عن بعض الأفعال بطل أصلهم١.


١ وكذلك يُوضّح شيخ الإسلام رحمه الله تناقضهم في قولهم: إنّ المعجزة دليلٌ على صدق النبيّ، ولا يُمكن أن يخلقها الله على يد كاذب؛ لأنّ من أصولهم أنّ الله لا يقبح منه شيء؛ فكلّ فعل ممكن لا يُنزّه عنه.
انظر مذهبهم في ذلك في: البيان للباقلاني ص ٤٧-٤٨، ٩١، ٩٤، ٩٦. والتمهيد له ص ٣٨٥. والإنصاف له ص ٦٢، ٦٧. والإرشاد للجويني ص ٢٣٨، ٢٧٣. وأصول الدين للبغدادي ص ١٧٠، ١٧٤. وانظر أيضاً منهاج السنة النبوية لابن تيمية ٢٤١٩.
وهذا القول الله لا يقبح منه شيء من أصول الأشاعرة:
يقول الجويني: "إنه ما من أمر يخرق العوائد إلا وهو مقدور للرب تعالى ابتداء، ولا يمتنع وقوع شيء لتقبيح عقل". الإرشاد للجويني ص ٣١٩.
ويقول أيضاً: "ولا يمتنع عقلاً أن يفعل الربّ تعالى عند ارتياد الساحر ما سيستأثر بالاقتدار عليه؛ فإنّ كلّ ما هو مقدور للعبد، فهو واقع بقدرة الله تعالى". الإرشاد ص ٣٢٢.
ويقول المازري: "ومذهب الأشعريّ أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك يقصد خوارق السحرة، وهو الصحيح عقلاً لأنه لا فاعل إلا الله". نقل عنه النووي في شرحه على صحيح مسلم ١٤٧٥.
ويقول القرطبي: "قال علماؤنا: وينكر أن يظهر على يد الساحر خرق العادات مما ليس في مقدور البشر ... ولا يكون الساحر مستقلاً به، وإنما يخلق الشبع عند الأكل، والريّ عند شرب الماء..". الجامع لأحكام القرآن ٢٤٦-٤٧.
ويظهر تناقض الأشاعرة جليّاً في دعواهم أنّ جنس المعجز يقع على يد الكاذب، وأنّه يمتنع وقوعه على يديه إذا ادّعى النبوّة. انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٢، ٣٢٨. وشرح المقاصد للتفتازاني ٥١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>