للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلك طائفة منهم طريقاً آخر؛ وهي طريقة أبي المعالي١، وأتباعه؛ وهو أنّ العلم بتصديقه لمن أظهر على يديه المعجز علمٌ ضروريٌ.

وضربوا له مثلاً بالملك٢.

وهذا صحيح إذا مُنعت أصولهم؛ فإنّ هذه تُعلِم إذا كان المعلم بصدق رسوله ممّن يفعل شيئاً لحكمةٍ. فأمّا من لا يفعل شيئاً لشيءٍ، فكيف يُعلم أنّه خلق هذه المعجزة لتدلّ على صدقه لا لشيءٍ آخر؟ ولم لا يجوز أن يخلقها لا لشيءٍ على أصلهم٣.

وقالوا أيضاً ما ذكره الأشعري: المعجز: علم الصدق، ودليله؛ فيستحيل وجوده بدون الصدق، فيمتنع وجوده على يد الكاذب٤.


١ الجويني.
٢ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣١٣، ٣٢٥-٣٣٠. ولمع الاعتقاد له ص ٧١. وشرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص ٥٧١. والمواقف للإيجي ص ٣٤١. وشرح المقاصد للتفتازاني ٥١٤. وتفسير القرطبي ١٥١.
وانظر كلام شيخ الإسلام رحمه الله على هذا المثل، وتعليقه عليه في: شرح الأصفهانية ٢٦٢٣-٦٢٤. والجواب الصحيح ٦٣٩٧-٣٩٩. ودرء تعارض العقل والنقل ٩٤٤.
٣ وشيخ الإسلام رحمه الله يُبيّن أنّ هذا من تناقضات أبي المعالي الجويني؛ حيث إنّه أثبت أنّ المعجزة معلومة بالاضطرار، وضرب مثال الملك الذي يفعل لحكمة.
وأبو المعالي ممن يُنكر الحكمة في أفعال الله، فلا يستقيم له هذا المثال؛ لأنّه مناقضٌ لأصولهم التي أصّلوها.
ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله: "لكن يُقال لهم: الملك يفعل فعلاً لمقصود، فأمكن أن يُقال إنّه قام ليُصدّق رسوله. وأنتم عندكم أنّ الله لا يفعل شيئاً لشيء، فلم يبق المثل مطابقاً. ولهذا صاروا مضطربين في هذا الموضع". الجواب الصحيح ٦٣٩٧.
٤ انظر: رسالة إلى أهل الثغر للأشعري ص ١٤١، ١٨٣-١٨٤.
وانظر كذلك: كتاب البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر للباقلاني ص ٣٧-٣٨.
وقال الجويني: "وقد قال شيخنا رحمه الله: المعجزة فعلٌ لله تعالى، يقصد بمثله التصديق". الإرشاد له ص ٣٠٩، ٣٢٧. وانظر: شرح المقاصد ٥١٢. وأصول الدين للبغدادي ص ١٧٨.
وانظر كلام شيخ الإسلام عن هذا القول في: الجواب الصحيح ٦٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>