للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتناقض، وما جاء من عِند الله لا يتناقض؛ كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوْا فِيْهِ اخْتِلافاً كَثِيْرَاً} ١.

وأما دعوى الضرورة٢: فمن ادّعى الضرورة في شيءٍ دون شيءٍ مع تماثلهما٣، وعدم الفرق بينهما في نفس الأمر، كانت دعواه مردودةً، بل كَذِباً؛ فإنّ وجود العلم الضروري بشيء دون شيء، لا بُدّ أن يكون لفرقٍ؛ إمّا في المعلوم، وإمّا في العالم. وإلاّ فإذا قدر تساوي المعلومات، وتساوي حال العالِم [بها، لم] ٤ يعلم بالضرورة أحد المتماثلين دون الآخر.

آيات النبي مختصة بالأنبياء

الخامس: أنه لا بد أن تكون الآية التي للنبيّ أمراً مختصّاً بالأنبياء؛ فإنّ الدليل مستلزمٌ للمدلول عليه. فآية النبي هي دليل صدقه، وعلامة صدقه، وبرهان صدقه، فلا توجد قطّ إلا مستلزمة لصدقه. وقد ادّعوا٥ أن آيات صدقهم تكون منفكة عن صدقهم تكون لساحر، وكاهن، ورجل صالح، ولمدعي الإلهية، لكن لا تكون لمن يكذب في دعوى النبوة؛ فجوزوا وجود الدليل مع عدم المدلول عليه٦، إلا إذا ادّعى المدلول عليه كاذبٌ.


١ سورة النساء، الآية ٨٢.
٢ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٦. ودرء تعارض العقل والنقل ١/٩٠-٩٢، ٩/٥٢-٥٣. وشرح الأصفهانية ٢/٦٢٢. والجواب الصحيح ٦/٣٩٨.
٣ في ((ط)) : تمثالهما.
٤ في ((خ)) : بها، ما لم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ أي الأشاعرة. وانظر دعواهم هذه في: البيان للباقلاني ص ٤٧-٤٨. وأصول الدين للبغدادي ص ١٧٠.
٦ يعني رحمه الله وجود الخارق مع عدم دعوى النبوة، فصار المعجز عندهم هو الدعوى، والخارق مدلول عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>