للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ما حصل مثله؛ لا لسليمان، ولا لغيره. والجنّ وإن قدروا على حمل بعض الناس في الهواء، فلا يقدرون على إصعاده إلى السماء، و [إراءته] ١ آيات ربه الكبرى؛ فكان ما آتاه الله [محمداً] ٢ خارجاً عن قدرة الجنّ والإنس، وإنّما كان الذي صحبه في معراجه جبريل الذي اصطفاه الله لرسالته، و {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ} ٣.

وكان المقصود من الإسراء أن يريه ما رآه من آياته الكبرى، ثم يخبر به النّاس، فلمّا أخبر به كذَّب به من كذّب من المشركين، وصدّق به الصدّيقُ وأمثاله٤ من المؤمنين، فكان ذلك ابتلاءً ومحنةً للنّاس؛ كما قال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} ٥؛ أي محنة وابتلاء للناس؛ ليتميّز المؤمن عن الكافر، وكان فيما أخبرهم به أنّه رأى الجنَّة والنَّار، وهذا ممّا يُخوّفهم به؛ قال تعالى: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانَاً كَبِيرَاً} ٦.

والرسول لما أخبرهم بما رآه كذّبوه في نفس الإسراء، وأنكروا أن يكون أُسري به إلى المسجد الأقصى، فلما سألوه عن صفته، فوصفه لهم، وقد

علموا أنّه لم يره قبل ذلك، وصدّقه من رآه منهم، كان ذلك دليلاً


١ في ((خ)) رسمت: اراه. ولعلها إراءه، والله أعلم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٢ في ((خ)) : محمد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ سورة الحج، الآية ٧٥.
٤ انظر: صحيح البخاري ٤/١٧٤٣-١٧٤٤، كتاب التفسير، باب قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} . وصحيح مسلم ١/١٥٦، كتاب الإيمان، باب ذكر المسيح بن مريم والمسيح الدجّال. ومسند الإمام أحمد ١/٣٠٩.
٥ سورة الإسراء، الآية ٦٠.
٦ سورة الإسراء، الآية ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>