للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبر والتقسيم يعلم به الدليل

و [السبر] ١ والتقسيم٢ مما يعلم به الدليل، وإن لم يقصده الدليل؛ حتى إنّ الرجل المشهور إذا خرج في غير وقت خروجه المعتاد، فقد يعرف كثيرٌ من الناس لأي شيء خرج؛ لعلمهم بانتفاء غيره، وأن خروجه له مناسب، وإنْ لم يكن هنا أحدٌ طلب الاستدلال؛ فخروج الإنسان عن عادته قد [يكون لأسباب] ٣؛ فإذا اقترن بسببٍ صالح، وعلم انتفاء غيره، عُلم أنّه لذاك السبب. وهذا إنّما يكون ممن يفعل [لداعٍ] ٤ يدعوه. والربّ تعالى عندهم٥ لا يفعل لداعٍ يدعوه، فلزمهم؛ إمّا إبطال أصلهم٦، وإمّا إبطال هذه الدلالة٧.


١ في ((ط)) : السير بالياء.
٢ قال صاحب التعريفات: "السبر والتقسيم كلاهما واحد. وهو إيراد أوصاف الأصل؛ أي المقيس عليه، وإبطال بعضها، ليتعيّن الباقي للعليّة؛ كما يُقال: علّة الحدوث في البيت؛ إما التأليف، أو الإمكان. والثاني باطل بالتخلّف؛ لأنّ صفات الواجب ممكنة بالذات، وليست حادثة، فتعيّن الأول؛ وهو حصر الأوصاف في الأصل، وإلغاء البعض لتعين الباقي للعلة؛ كما يُقال: علّة حرمة الخمر؛ إما الإسكار، أو كونه ماء العنب. والمجموع غير الماء وغير الإسكار لا يكون علة بالطريق الذي يُفيد إبطال علة الوصف؛ فيتعيّن الإسكار للعلّة". التعريفات للجرجاني ص ١٥٥.
٣ في ((خ)) : تكون الأسباب. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ في ((خ)) : داعي. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ أي عند الأشاعرة.
٦ المراد: أصل الأشاعرة: الله لا يفعل شيئاً لأجل شيء. فهم يستندون إلى هذا الأصل في نفي حكمة الله، وتعليل أفعاله جلّ وعلا؛ فيجوّزون عليه سبحانه كلّ فعل.
٧ وهي المثال الذي ضُرب عن الملك الذي أظهر ما يُناقض عادته، لتصديق رسوله، فيجعلونه دليلاً على تصديق الرسول.
وقد مرّ هذا الموضوع فيما سبق، وعلّقتُ عليه. انظر ص ٥٨١-٥٨٣.
ولشيخ الإسلام رحمه الله شرح لهذا الموضوع في كتابه العظيم ((الجواب الصحيح)) ٦ ٣٩٣-٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>