للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلب جزء الدليل، وإنّه لو أظهره بدون الطلب، لم يدلّ. وأمّا نفس دعوى النبوّة، فليست جزءاً. وعلى هذا: فإذا قُدِّر أنّه يفعل ذلك عند [طلبه، أو] ١ طلب غيره آية، [دلّ] ٢ على [صدقه] ٣. لكنّ هذا يكون إذا علم أنّه لم يفعله إلاَّ لإعلام أولئك بصدقه. وهذا لا يكون إلاَّ بأن يتميّز جنس ما دلّ به عن غيره. ولا يجوز أن يدلّ مع وجود مثله من غير دلالة، بل متى قُدِّر وجود مثله من غير دلالة، بطل كونه دليلاً. ولو كانت الدعوى [جزءاً من الدليل] ٤، لكانت المعارضة لا تكون إلاَّ مع دعوى النبوة؛ فلو أتوا بمثل القرآن، من غير دعوى النبوة، لم يكونوا عارضوه.

الأشاعرة يقسمون الأدلة قسمين:

وهذا خلاف ما في القرآن، وخلاف ما أجمع المسلمون، بل العقلاء، والله أعلم.

وهم يسمون ما يكون بقصد الدالّ؛ كالكلام دليلاً وضعياً. فالأقوال والأفعال التي يقصد بها الدلالة؛ كالعقد، وما يجعله الرجل علامةً، ونحو ذلك، يسمونه دليلاً وضعياً، ويسمون ما يدلّ مطلقاً دليلاً عقلياً٥.


١ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٢ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٣ في ((خ)) : صدقهم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ في ((خ)) : جزء الدليل. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ الأشاعرة يجعلون دلالة المعجزة على صدق النبيّ دلالة عادية وضعية، ولا يجعلونها دلالة عقلية؛ لأنّ الدلالة العقلية لا تتخلّف، فإذا وُجدت المعجزة التي هي الدليل، لا بُدّ أن يوجد الرسول الذي هو المدلول. أما الدلالة العادية، أو الوضعية، فيجوز عقلاً تخلف المدلول عن الدليل؛ أي الرسول عن معجزته.
انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٤. والعقيدة النظامية له ص ٦٨. ونهاية الإقدام للشهرستاني ص ٤٣٨ والمستصفى للغزالي ١ ٦. وشرح المواقف للجرجاني ٣ ١٨١-١٨٢. وشرح العقائد النسفية للتفتازاني ص ١٦٦. وشرح المقاصد له ٢ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>