للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد زعم طائفة١ أنّ إجماع المتكلمين في المسائل الكلامية كإجماع الفقهاء. وهذا غلط، بل السلف قد استفاض عنهم ذم المتكلمين، وذمّ أهل الكلام مطلقاً٢.

اشتراك أهل البدع في دليل الأعراض

ونفس ما اشتركوا فيه؛ من إثبات الصانع بطريقة الأعراض، وأنها لازمة للجسم أو متعاقبة عليه، فلا يخلو منها، وما لم يخل من الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها، وأن الله يمتنع أن يقال إنه لم يزل متكلما بمشيئته بعد أن لم يكن بلا حدوث حادث، وما يتبع هذا هو أصل مبتدع في الإسلام؛ أول ما عرف أنه قاله الجهم بن صفوان مقدّم


١ من هؤلاء الرازي.
٢ تقدمت الإشارة إلى ذلك ص ٣٢٠-٣٢٤.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن طرق أهل الكلام المبتدعة المذمومة: (ولم تكن هذه الطرق شرعية بل بدعية؛ لأن معرفة الله ورسوله لا تتوقف على هذه المسائل، ولأن كثيراً من النظار اعتقدوا أن هذا من أصول الدين وقواعد الإيمان، فتكلموا في ذلك بالكلام الذي ذمه السلف والأئمة.
وهؤلاء هم الجهمية من المعتزلة ومن اتبعهم، وأصل كلامهم أنهم قالوا: لا يعرف صدق الرسول حتى يعرف إثبات الصانع، ولا يعرف إثبات الصانع حتى يعرف حدوث العالم، ولا يعلم حدوث العالم إلا بما به يعلم حدوث الأجسام، ثم استدلوا على حدوث الأجسام بطرق، أحدها: أنه لا يخلو عن الحوادث، وما لم يخل عن الحوادث فهو حادث ... ) . شرح الأصفهانية ١٢٦٤. وانظر: المصدر نفسه ٢٣٢٨-٣٣١.
وقال الإمام البربهاري: (واعلم أنها لم تكن زندقة ولا كفر ولا شكوك ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام وأهل الكلام والجدل والمراء والخصومة والعجب) . شرح السنة ص ٤٨.
وانظر: ذم السلف لأهل الكلام في: شرح الأصفهانية ٢٣١٨. ودرء تعارض العقل والنقل ١٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>