للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون ذلك الشيء الذي يظهر على أيديهم مما يخرق العادة، وينقضها. ومتى لم يكن كذلك، لم يكن معجزاً.

والثالث: أن يكون غير النبي ممنوعاً من إظهار ذلك على يده، على الوجه الذي ظهر عليه، ودعا إلى معارضته، مع كونه خارقاً للعادة.

والرابع: أن يكون واقعاً مفعولاً عند تحدي الرسول بمثله، وادعائه آيةً لنبوّته، وتقريعه بالعجز عنه من خالفه وكذّبه.

قالوا: فهذه هي الشرائط، والأوصاف التي تختص بها المعجزات١.

مناقشة شيخ الإسلام للأشاعرة في الشروط التي اشترطوها في المعجزة

فيقال لهم:

الشرط الأول قد عرف أنّه لا حقيقة له، ولهذا [أعرض] ٢ عنه أكثرهم٣.

والثاني أيضاً لا حقيقة له؛ فإنهم لم يميزوا ما يخرق العادة ممّا لا يخرقها. ولهذا ذهب من ذهب من محققيهم إلى إلغاء هذا الشرط؛ فهم لا يعتبرون خرق عادة جميع البشر، بل ما اعتاده السحرة، والكهان، وأهل الطلاسم عندهم، يجوز أن يكون آية إذا لم يُعارض٤. وما اعتاده أهل صناعة، أو علم، أو شجاعة ليس هو عندهم آية، وإن لم يعارض.

فالأمور العجيبة التي خص الله بالإقدار عليها بعض الناس، لم يجعلوها خرق عادة. والأمور المحرمة، أو هي كفرٌ؛ كالسحر، والكهانة، والطلسمات: جعلوها خرق عادة، وجعلوها آية، بشرط أن لا يعارض. وهو الشرط الثالث، وهو في الحقيقة خاصة المعجزة عندهم.


١ انظر: البيان للباقلاني ص ٤٥-٤٦.
٢ في ((ط)) : أعراض.
٣ كما مرّ معنا في ص ٢٢٦-٢٢٧، ٦٤٠-٦٤١ من هذا الكتاب؛ من أمثال الجويني، والرازي.
٤ انظر: البيان للباقلاني ص ٩٤-٩٦. والإرشاد للجويني ص ٣٢٧-٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>