للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الفروق بين آيات الأنبياء وبين خوارق السحرة والكهان

فلم يفرقوا بين ما يدلّ على النبوّة وعلى نقيضها، وبين ما لا يدلّ عليها، ولا على نقيضها؛ فإنّ آيات الأنبياء تدلّ على النبوة، وعجائب السحرة، والكهّان تدلّ على نقيض النبوّة؛ وإنّ صاحبها ليس ببرّ، ولا عدلٍ، ولا وليٍّ لله، فضلاً عن أن يكون نبيّاً.

بل يمتنع أن يكون الساحر، والكاهن نبيّاً، بل هو من أعداء الله.

والأنبياء أفضل خلق الله، وإيمان المؤمنين، وصلاحهم لا يناقض النبوة، ولا يستلزمها.

الأشاعرة سووا بين الأجناس الثلاثة

فهؤلاء١ سوّوا بين الأجناس الثلاثة؛ فكانوا بمنزلة من سوّى بين عبادة [الرحمن] ٢، وعبادة الشيطان والأوثان؛ فإنّ الكهّان، والسحرة يأمرون بالشرك، وعبادة الأوثان، وما فيه طاعة للشيطان. [والأنبياء] ٣ لا يأمرون إلا بعبادة الله وحده، وينهون عن عبادة ما سوى الله وطاعة الشياطين.

النبي عند الأشاعرة

فسوّى هؤلاء بين هذا وهذا، ولم يبق الفرق إلا مجرّد تلفّظ المدّعي بأني نبيّ. فإن تلفّظ به، كان نبيّاً، وإن لم يتلفّظ به، لم يكن نبيا.

فالكذّاب المتنبي إذا أتى بما يأتي الساحر، والكاهن، وقال: أنا نبيّ، كان نبيّاً.

وقولهم: إنّه إذا فعل ذلك مُنِع منه، وعورض٤: دعوى مجردة؛ فهي لا تُقبل لو لم يعلم بطلانها. فكيف، وقد علم بطلانها، وأنّ كثيراً ادّعوا ذلك، ولم يعارضهم ممّن دعوه أحد، ولا مُنعوا من ذلك.


١ يعني الأشاعرة. انظر: الجواب الصحيح ٦٤٠٠، ٥٠٠.
٢ في ((ط)) : احرحمن.
٣ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٤ انظر: البيان للباقلاني ص ٩٤، ٩٥، ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>