للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسكر حرام، أو كل مسكر خمر؛ كما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"١؛ بيَّن أنّ المسكر موصوف بأنّه خمر، وبأنّه حرام، ولم يقصد القياس الشمولي؛ وهو أن يستدلّ على أن المسكر حرام؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أجلّ من هذا شرعاً وعقلاً؛ فإنّه بكلامه يثبت الأحكام، وغيره إذا قال: كل مسكر خمر أو حرام، احتاج أن يستدلّ عليه، وأما هو فيستدلّ بنفس كلامه.

الدليل قد يكون أكثر من مقدمة

والنظم الشمولي المنطقي لا يوجد في كلام فصيح، بل هو طويل لا يحتاج إليه؛ كما قد بسط في مواضع٢، وبُيِّن أن الدليل قد يكون مقدمة واحدة، وقد يكون مقدمتين، وقد يكون ثلاث مقدمات، وأربع، وأكثر؛ بحسب ما يحتاج إليه المستدلّ الطالب لدلالة نفسه، أو الطالب ليدلّ غيره٣؛ فإنّه قد لا يحتاج إلاَّ إلى مقدمة واحدة؛ مثل من عرف أنّ الخمر حرام، لكن لم يعرف أنّ كل مسكر هو خمر. فإذا عرف بالنصّ أنّ كلّ مسكر


١ رواه الإمام مسلم في صحيحه ٣١٥٨٧، كتاب الأشربة، باب بيان أنّ كلّ مسكر خمر، وأنّ كلّ خمر حرام.
٢ انظر ردّ شيخ الإسلام رحمه الله على قولهم: "بأنّه لا بُدّ في كلّ علم نظري من مقدّمتين"، وكذلك ردّه على تمثيلهم: "كلّ مسكر خمر، وكلّ خمر حرام، فكل مسكر حرام" في: الردّ على المنطقيين ص ١١٠-١١٦، ١٦١-١٦٢، ١٩٠، ١٩١، ٢٤٥-٢٤٦. وكذلك في نقض المنطق ص ٢٠٠-٢٠٩.
وانظر كلام شيخ الإسلام رحمه الله عن القياس، وقوله عنه أنّه إما كلام باطل، أو طريق طويل لا يخلو من الخطأ، في: الردّ على المنطقيين ص ١٦٢، ٣١٦، ومجموع الفتاوى ٩٢٤، ٢٨-٣٤.
٣ وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله اختلاف حال الناس في عدد المقدمات المحتاج إليها، وضرب أمثلة للاستدلال بمقدمة، أو بمقدمتين، أو بمقدمات، في: الرد على المنطقيين ص ١٦٨-١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>