فقد توقعوا أن يكتب الله لمؤلفات إمام الأئمة القبول، وأن ينتشر علمه في العرض والطول، وأن تحتاجه الأمة في حاضرها جيلاً إثر جيل، وأن يكون سبباً في رجعة الأجيال إلى المعتقد الأصيل.
وقد صدقت توقعاتهم، فها نحن - بحمد الله - نحياها؛ فما دعوة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب إلا ثمرة من غرس شيخ الإسلام، خرجت شجرة طيبة في جزيرة العرب، وطاب غراسها، فآتت أكلها بإذن ربها، وتأسست دولة الإسلام على أصلها الثابت، وانتشر خيرها في الأرجاء، وعمّ في الربوع الرخاء، وانتشر العلم القائم على النور السلفي، وأُنشئت المؤسسات الصادرة عن هذا الينبوع الصافي.
وما دور جامعتنا المباركة - الجامعة الإسلامية - عنّا ببعيد، فقد قامت على ذلك المنهج السلفي، واحتضنت أبناء العالم الإسلامي، وغذتهم بلبان العقيدة الصحيحة، فجزى الله القائمين عليها خير الجزاء.
المسألة السابعة: الأيام الأخيرة لشيخ الإسلام، ووفاته:
كان شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - عالماً عاملاً، نشر الدعوة بكلّ جدّ ونشاط، حتى جاء عام ٧١٨ ?، فمنعه السلطان فيه من الفتوى في مسألة الحلف بالطلاق بالتكفير، ثم عقد لهذا الغرض مجالس في سنة ٧١٩?، وحبس في سجن القلعة فترة، وانتهى الأمر بمنعه - بسبب فتواه - من الفتيا مطلقاً.
ثم دبّر له أعداؤه مكيدة أخرى؛ إذ وشوا به للسلطان، وقالوا له: إنه يفتي بمنع السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين، وأوهموا السلطان أنّ في ذلك تنقصاً للأنبياء والمرسلين، وتنقصهم كفر.
وأفتى بذلك طائفة من أهل الأهواء؛ وهم ثمانية عشر نفساً، يرأسهم