للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا انضمّ إلى أصلهم؛ وهو: أنّ الرب يجوز عليه فعل كلّ شيء١، صارا شاهدين: بانّه على أصلهم لا دليل على النبوة؛ [إذ] ٢ كان عندهم لا فرق بين فعل من الرب وفعل. وعندهم: لا فرق بين جنس وجنس في اختصاصه بالأنبياء به، فليس في أجناس المعقولات ما يكون آيةً تختص بالأنبياء، فيستلزم نبوتهم. بل ما كان لهم قد يكون [عند غيرهم] ٣، حتى للسحرة والكهان، وهم أعداؤهم. فَرّقوا بعدم المعارضة، وهذا فرق غير معلوم، وهو مجرد دعوى.

الفرق بين النبي والساحر عند الأشاعرة

قالوا: لو ادّعى الساحر والكاهن النبوّة، لكان الله يُنسيه الكهانة والسحر، ولكان له من يعارضه٤؛ لأنّ السحر والكهانه هي معجزة عندهم.

وفي هذه الأقوال من الفساد عقلاً وشرعاً، ومن المناقضة لدين الإسلام، وللحق ما يطول وصفه.

ولا ريب أنّ قول من أنكر وجود هذه الخوارق٥ أقلّ فساداً من هذا.

ولهذا يشنع عليهم ابن حزم وغيره بالشناعات العظيمة٦.


١ سبق توضيح هذا الأصل عند الأشاعرة، وأنّهم به قد نفوا الحكمة عن الله تعالى، وجوّزوا عليه فعل كلّ قبيح.
انظر ص ١٥٢، ٢٦٨، ٣٣٥، ٥٦٦ من هذا الكتاب.
٢ في ((خ)) : ان. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٣ في ((خ)) : عندهم. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ سبق ذكر ذلك مراراً. وانظر: البيان للباقلاني ص ٩٤-٩٥.
٥ وهم المعتزلة، وابن حزم؛ فقد أنكروا الخوارق للأولياء وللسحرة على السواء.
٦ سبقت الإشارة إلى ذلك في ص ٢٦٦.
وقد ردّ ابن حزم رحمه الله على الأشاعرة في تفريقهم بين المعجزات والسحر، وأطال في ذلك. انظر: الفصل له ٥٢-٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>