للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تكن مثل نار إبراهيم في عظمتها كما وصفوها١، فهو مشاركٌ للخليل في جنس الآية؛ كما هو مشارك في جنس الإيمان محبة الله وتوحيده. ومعلومٌ أنّ الذي امتاز به الخليل من هذا، لا يماثله فيه أبو مسلم، وأمثاله.

وكذلك الطيران في الهواء؛ فإنّ الجن لا تزال تحمل ناساً، وتطير بهم من مكان إلى مكان؛ كالعفريت الذي قال لسليمان: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} ٢، لكن قول الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} ٣: لا يقدر عليه العفريت.

ومسرى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ليريه الله من آياته الكبرى٤: أمرٌ اختص به، بخلاف من يُحمل من مكان إلى مكان، لا ليريه الله من آياته الكبرى٥، أمرٌ اختصّ به، ولا يعرج إلى السماء.

فهؤلاء كثيرون، وهذا مبسوطٌ في غير هذا الموضع٦.


١ يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: "لما دحضت حجتهم، وبان عجزهم، وظهر الحقّ، واندفع الباطل عدلوا إلى استعمال جاه ملكهم، فقالوا: حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. فجمعوا حطباً كثيراً جداً. قال السدي: حتى إن كانت المرأة تمرض، فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطباً لحريق إبراهيم، ثم جعلوه في هوة من الأرض وأضرموها ناراً، فكان لها شرر عظيم، ولهب مرتفع، لم توقد نار قط مثلها. وجعلوا إبراهيم عليه السلام في كفة المنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس من الأكراد....". تفسير ابن كثير ٣١٨٣.
٢ سورة النمل، الآية ٣٩.
٣ سورة النمل، الآية ٤٠.
٤ قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} . [الإسراء ١] .
٥ انظر: صحيح البخاري ٤١٧٤٨.
٦ انظر ما سبق في هذا الكتاب من ص ١٦٤-١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>